موقع الآن ... على المحك!
سبق لي أن كتبت مشيداً بموقع «الآن» الإلكتروني، وكيف أنه قدم نموذجا متميزا للصحافة الإلكترونية التي استطاعت استقطاب اهتمام جمهور كبير خلال فترة قصيرة نسبيا، وبالفعل قد أصبح موقع الآن قبلة يقصدها كثير من المتصفحين في بداية يومهم للحصول على موجز يومي حول ما نشرته الصحافة من مقالات وأخبار، ناهيك عن متابعة الأحداث السياسية المحلية أولا بأول، والتي برع الموقع في تقديمها. أصبح موقع الآن بسرعة حركته وديناميكيته، متابعا ومرصودا حتى من صناع القرار والنواب والساسة والإعلاميين، وأصبح مصدراً رئيسا للأخبار والمتابعات، مما ضاعف من نشاط الموقع وأهميته وإقبال المتصفحين عليه.هذا الزخم الكثيف المتزايد، وهذا التطور، كان متوقعا أن يضع موقع «الآن» والقائمين عليه في مواجهة مشاكل مختلفة، سواء السياسي منها أو الإعلامي أو التقني. وبما أن كل عمل بشري مستمر، فلابد أن يواجه أخطاء، فكان هذا محتوما على الموقع، لكن بقيت العبرة دائما في كيفية المعالجة وطريقة التعامل مع هذه العثرات.
بالإضافة إلى مسألة التعقيبات والردود شبه المفتوحة للجمهور، والتي تحوي، وبشكل يومي، الكثير من غير المقبول ولا حتى المعقول، من تطاول على الأسماء المختلفة وأحيانا من تدليس ونشر لإشاعات لا تستند إلى أدلة، ومن نيل من كرامة الفئات والطوائف المختلفة، وتأجيج للصراعات والفرقة المجتمعية، أقول بالإضافة إلى هذا الجانب الذي مازلت لا أراه مقبولاً تحت أي فلسفة أو تعريف لحرية التعبير، يواجه موقع «الآن» مشكلة جديدة تتمثل في نشره لاستفتاءات حول قضايا سياسية تهم الشارع لا تقوم على آلية رصد تقنية راسخة يمكن الوثوق بها، وبالتالي تؤدي إلى إعطاء نتائج مغايرة للحقيقة، مما يكون له الأثر السلبي على المتابع الذي لا يدرك هذا الأمر.موقع «الآن» اعترف بنفسه بأن استفتاءاته المنشورة تتعرض «للتزييف» على يد من أسماهم (بالفريق الذي جندوه)، وذلك من خلال تصويت هؤلاء بشكل متكرر لاختيار ما على حساب اختيارات أخرى (مثال ذلك استفتاء تأييد الحل غير الدستوري). ألقى هذا الاعتراف تلقائيا بظلال الشك على الاستفتاءات كلها التي قام بها الموقع منذ بدايته حتى الآن، وبالطبع على كل الاستفتاءات التي ستأتي طالما أن الآلية التقنية التي يسهل اختراقها ظلت باقية من دون تغيير. وهو بالطبع سيجعلنا نقول إن هذا الفريق الذي تم تجنيده للتصويت، سيقوم ومن باب أولى بالتعقيب على ما ينشر، وكذلك، وبما أن الباب مفتوح للتعقيب بهذه الطريقة، فإن ذلك يعطي مجالا لفرق متعددة من هنا وهناك، محسوبة على هذا المعسكر أو ذاك للتعقيب والرد، مما سيوصلنا في نهاية المطاف إلى التساؤل في هل تعكس هذه التعليقات بالفعل آراء الشارع الكويتي أم أنها تعليقات مبرمجة من أطراف متصارعة تحاول أن توحي بصورة غير حقيقية عن الواقع؟!من زاوية من هو معجب بتجربة موقع «الآن» الجميلة، أجد لزاماً عليَّ أن أقول للقائمين عليه، وكلهم من الأصدقاء الأعزاء، إنه من المهم اليوم وبعد هذه الفترة من العمل، أن يتمهلوا لبرهة، ليس ليراجعوا التقنية التي يعمل بها الموقع، ولا ليعيدوا تصميم شكله، ولا ليضيفوا إليه أبواباً جديدة، وإن كان هذا كله مهما ولازما، إنما، وهو الأهم، ليراجعوا رسالتهم ورؤيتهم المرادة لهذا الموقع، والتي أفترض أنها كانت موجودة عندهم يوم انطلقوا.هل الهدف من وراء موقع «الآن» هو تجاري بحت؟ أم أنه هدف سياسي لخدمة طرف ما؟ أم أنه قناة إعلامية محايدة جاءت بالفعل تنشد الهدف الوطني العام؟ وهذه كلها تساؤلات مشروعة ومطروحة في الساحة.وما من شك في أن القائمين على الموقع لديهم من الخبرة الإعلامية ما يمكنهم من إدراك أن جمهور المتابعين لن ينتظر بطبيعة الحال الإجابة منهم، لأنه قادر عبر متابعة الموقع واستشعار سياسته ورصد مسيرته، وبالأخص من خلال ما ينشر فيه من مواد أصيلة غير منقولة، على أن يعرف الإجابة بنفسه.