من يتابع مواقف وتصريحات النائب علي الهاجري تجاه قضية شراء مديونيات المواطنين، يعرف حقيقةً مدى اختلاط مفهومي تمثيل الشعب والتمثيل على الشعب عند بعض الجيل الحالي من نواب الأمة، فالهاجري أقنعني بالفعل بموهبته الفذة في التعبير الحركي واللفظي الذي يشكل أهم مقومات الممثل الموهوب بقدراته وموهبته، وعرفني كذلك سر قدرته على إقناع ناخبي الدائرة الخامسة في صب الأصوات لمصلحته في الانتخابات الأخيرة، وتلك المواهب ذكرتني بفلتات السينما العربية، خصوصا قدرة الراحل فريد شوقي في أفلام «الأكشن» الأبيض والأسود، على إقناع خصمه اللدود توفيق الدقن عندما كان يقسم بـ«وشرف أمي» بأنه لن يخونه وسيحضر معه لمواجهة العصابة المنافسة، ثم ينكث بوعده ويتركه فريسة للعصابة والبوليس.

Ad

النائب الهاجري خرج علينا في لقاء صحافي حاد النبرة الأربعاء قبل الماضي، وبملامح حزينة وشديدة الحرص على أحوال المقترضين وحل مشكلتهم عبر شراء مديونيات المواطنين، ولامَ في التصريح اللجنة التشريعية لعدم إنجاز المقترحات الخاصة بالمديونيات، ودعا بصفته مقرراً للجنة إلى اجتماع عاجل في اليوم التالي لدراستها وإحالتها إلى اللجنة المالية بصفة الاستعجال.

الاجتماع لم يعقد بسبب غياب النصاب، وخرج علينا الهاجري بتخريجة اللجنة الفرعية التي أقرت تلك المقترحات، والتي لم يعترف بها رئيس اللجنة النائب ناصر الدويلة بعد عودته من رحلته الخارجية كونها غير لائحية، فأصبح الاجتماع وقراراته كأنهما لم يكونا.

الناس الذين صدقوا وعود النواب الذين أمّلوهم بقرب انفراج قضية مديونيتهم، جددوا الأمل في أن تنتهي معاناتهم في اللجنة التشريعية في الاجتماع التالي (الأحد 22 فبراير الماضي)، ولكن كانت المفاجأة أيضاً، فقد غاب الهاجري مع زميله محمد هايف عن الاجتماع فسقط الاقتراح بعد أن صوّت علي الراشد وعبداللطيف العميري وعبدالله الرومي ضد فتح باب ما يستجد من أعمال لمناقشة تلك الاقتراحات انسجاماً مع مواقفهم المعلنة، برفض شراء مديونيات المواطنين.

الفيلم، أقصد الأحداث لم تنتهِ عند هذا الحد، فبعد أن نسي الناس ما حدث، ظهر صباح الأحد الماضي على الشاشة النائب الهاجري مرة أخرى مراهناً على فطرة النسيان عند بني الإنسان، ليبشرهم مجدداً على صفحات الجرائد وشاشات الكمبيوتر من المواقع الإلكترونية بأن اللجنة التشريعية ستحيل «اليوم» (الأحد) اقتراحات شراء المديونيات إلى اللجنة المالية، وأكد الخبر ودوره في إنجازه، ولكن تكرر السيناريو السابق وحضر ثلاثة نواب فقط وكانوا بحاجة إلى نائب واحد ليكتمل النصاب، ولكن النائب علي الهاجري وزملاءه الراشد والرومي والعميري غابوا فطار الاجتماع، وسقط وعد الهاجري المعلن صحافياً مجدداً.

ويبدو بعد كل هذه الأحداث أن مسلسل الهاجري مع مقترحات شراء مديونيات المواطنين واللجنة التشريعية حلقاته طويلة، وستمتد لتشكل برنامجاً ثابتاً على الشاشات يستحق أن يكون من برامج الصدارة الأعلى مشاهدةً تحت عنوان «الهاجري شو» يصبّر فيه المكلومين بمشاكلهم المالية بوهم الوعود السرابية التي يطلقها كل فترة لهم، ليلهيهم عن مصائبهم وليروح عنهم، ولتكون أيضاً بمنزلة صقل للمواهب الصاعدة التي تنتظر دورها في المقاعد الخضراء البرلمانية لتمثل الشعب وتمثل عليه.