بدأت الخطوط الكويتية عملها كشركة طيران خاصة تحت اسم شركة الخطوط الجوية الوطنية الكويتية عام 1954 برأسمال 2 مليون روبية، اي ما يعادل 150 ألف دينار، حينها كان هناك ما يمكن تسميته بالقطاع الخاص، لكن نمو مداخيل الدولة بدا وكأنه يطغى ويكسر مجاديف القطاع الخاص، وكانت مسارات الاقتصاد السياسي الكويتي تسير باتجاه هيمنة كاملة للقطاع العام وهكذا، ونظرا إلى مصاعب مالية عانتها الشركة تملكت الحكومة ما نسبته 50 في المئة من اسهم الشركة بزيادة رأسمالها عام 1955، وتم تغيير اسمها الى الاسم الحالي، وحاول القطاع الخاص تأسيس شركة طيران اخرى عام 1960 باسم شركة الطيران عبر العالم العربي، لكنها كذلك لم تستطع الصمود، وهكذا استولت الدولة على حصة الخاص في «الكويتية» كاملة، وعادت فاستولت بالكامل على الشركة الجديدة عام 1964 وضمتها الى الكويتية.

Ad

وربما كانت حكاية انحسار وتدمير القطاع الخاص الوطني مساهما حقيقيا في التنمية الوطنية وجاءت الكويتية نموذجا لها، بدءا من ازمة الشركات الخمس في اوائل الخمسينيات، وبالتالي لا يتبقى من القطاع الخاص الا ذلك القطاع الطفيلي المعتمد بشكل اساسي على دعم الدولة من خلال المناقصات العامة، ومن خلال ذلك تجرى الاصطفافات والتحالفات الحكومية / التجارية، ويغيب الدور السياسي الفاعل، الذي كان آخر عهد له المشاركة في انتخابات 1967 عبر قائمة «نواب الشعب»، والتي انتهت بتزوير الانتخابات، ومن ثم مشاركة الشريحة الوطنية من التجار في بيان احتجاجي على التزوير، بل واستقالة بعضهم بعد فوزهم الى صدور بيان الشيخ جابر الاحمد الشهير ببيان حزيران 1970، منذ ذلك الحين غاب القطاع الخاص عن دوره التاريخي المعروف بفعل فاعل، والحديث عن ذلك الامر يطول ولربما يكون متوقعا ان يتم التعامل مع تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في اوضاع الخطوط الجوية الكويتية، وكذلك التقرير المفصل الذي اصدره ديوان المحاسبة والذي اوضح الحالة المتردية التي وصلت اليها المؤسسة، كأحد التقارير التي توضح مواطن الخلل والتجاوزات والفساد، وقد يذهب البعض الى ان هناك مخططا لتفكيك «الكويتية» لافساح الطريق لمتنفذين للاستيلاء عليها بأرخص الاسعار، وان هناك سوءا في الادارة، او ان هناك فسادا معششا فيها، وربما تكون كل تلك الاقاويل صحيحة، لكن ذلك وحده يعد امرا عاديا، فلن تكون اول ولا آخر مؤسسة تتدهور.

الا ان تدهور «الكويتية» بالذات له طعم خاص، فتدهورها وتفكيكها بفعل فاعل، يمثل البعد الرمزي لما آلت اليه الامور في البلاد.

فإن كانت «الكويتية» قد مثلت حتى عهد قريب رمزا للكويت، فهل ننتظر ان تسير الكويت ليصبح مصيرها مثل «الكويتية».