المفارقة العجيبة أن مجمع الوزارات العملاق يفتقر إلى عيادة طبية للتعامل مع الحوادث والحالات الطارئة التي قد يؤدي التأخير في إسعافها فوراً إلى مضاعفات خطيرة أو فقدان روح إنسان يمكن إنقاذها بغض النظر عمن تكون الضحية مسؤولاً كبيراً أو ضيفاً زائراً أو موظفاً عاماً أو عاملاً «غلبان».

Ad

يعتبر مجمع الوزارات أكبر صرح حكومي على الإطلاق إذ يشتمل على وزارات المالية والعدل والأوقاف والتجارة والشؤون والمؤسسة العامة للرعاية السكنية، وبالتالي يمكن بحضور سمو رئيس مجلس الوزراء أن يكتمل نصاب الحكومة ومن ثم صدور قرارات على مستوى الدولة في هذا المجمع!

ونتيجة لهذا الكم من أجهزة الدولة فمن الطبيعي أن يرتاد آلاف عدة من الموظفين هذا المكان يومياً بدءاً من صغار العاملين والإداريين مروراً بالمديرين والوكلاء وانتهاءً بالسادة الوزراء، وباعتبار أن مكاتب الوزراء في هذا المجمع هي الجهة الرسمية لاستقبال كبار ضيوف الدولة من دول العالم المختلفة، فإن أهمية هذا المبنى وحيويته تكمن في كونها واجهة رسمية لدولة الكويت ومقراً للمباحثات الثنائية وتدشين أشكال التعاون الدولي مع العالم الخارجي.

وإضافة إلى كل ذلك، فإن معظم الوزارات في هذا المجمع يعتبر جهات خدماتية تتعامل مباشرة مع الجمهور مواطنين كانوا أم مقيمين، ويقدر عدد المراجعين للإدارات الحكومية المختلفة في المجمع بحوالي 30 ألف إنسان يومياً على الأقل يمثلون جميع الفئات العمرية والمستويات الوظيفية والمراتب الاجتماعية ومن شعوب مختلفة.

ولا ننسى أن مجمع الوزارات يحتضن أيضاً أفرعاً لجميع البنوك المحلية وعدة كافيتريات ومراكز الخدمة التابعة للقطاع الخاص، يضاف إليها شركات الحراسة والتنظيف والمناولة والصيانة العاملة على مدار الساعة.

وهذا المزيج الآدمي الهائل والمنوع يشترك في سمة واحدة هي الروح البشرية التي تدب في مختلف أرجاء هذا المبنى الضخم، ولهذا فإن المفارقة العجيبة أن هذا المجمع العملاق يفتقر إلى عيادة طبية للتعامل مع الحوادث والحالات الطارئة التي قد يؤدي التأخير في إسعافها فوراً إلى مضاعفات خطيرة أو فقدان روح إنسان يمكن إنقاذها بغض النظر عمن تكون الضحية مسؤولاً كبيراً أو ضيفاً زائراً أو موظفاً عاماً أو عاملاً «غلبان».

ومادام هذا المبنى الكبير يوجد في الكويت وبفضل التخبط الإداري وعدم الشعور بالمسؤولية وحتى تكبد عناء التفكير الجاد عند وضع الخطط وطرح المشاريع وتنفيذها وبالتأكيد إهمال قيمة العنصر البشري، فإن نسيان مثل هذه الحاجة الضرورية يكون أمراً طبيعياً!

ولكن يجب تصحيح الخطأ وتقويم الخلل وتدارك قصور الآخرين من قياديي الماضي متى ما اكتشف ذلك، ومن هنا وبعد توجيه الشكر لأحد الإخوة الكرام لتنبيهه إلى هذه المشكلة وبالمصادفة، نوجه هذا الطلب إلى الأخت الفاضلة الدكتورة موضي الحمود وزيرة الصحة بالوكالة لإصدار تعليماتها فوراً لتخصيص عيادة طبية مجهزة لحالات الطوارئ والإسعافات الأولية، خصوصاً الحوادث والأزمات القلبية وحالة ضيق التنفس وغيرها وتزوِّد المجمع بسيارات الإسعاف، ولا اعتقد أن السيدة الوزيرة تخالفنا الرأي بأن مثل هذه المبادرة تعد من العاجل من الأمور بكل المقاييس وإن كانت وزيرة بالإنابة وفي حكومة مستقيلة، ليكون لها ولكل مَن ينجز هذا العمل الصالح كل الأجر والمثوبة.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء