اتجاهان متناقضان

نشر في 11-02-2009 | 00:00
آخر تحديث 11-02-2009 | 00:00
 أ.د. غانم النجار لم تشهد الكويت، من حيث الشكل، تحولات إصلاحية مثل تلك التي حدثت خلال السنوات الست الماضية، وأقول من حيث الشكل، لأنها لم تكن بالضرورة بسبب الرغبة في تدعيم النظام الديمقراطي، فالكثير منها قد حدث نتاجاً لظروف غير طبيعية، ولذا، وحيث إنها أصبحت جزءاً من مكونات نظامنا السياسي، فإنه من المفيد التمعن في نتائجها، لاسيما أن العديد من تلك التحولات، كان يمثل مطالب شعبية منذ صدور الدستور، ولنأخذ بعض الأمثلة على تلك الانفراجات؛ أولها كان فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء في 2003، وإقرار مجلس الامة حقوق المرأة السياسية في مايو 2005، وتفعيل قانون توارث الإمارة عبر مجلس الأمة، ومن ثم تصويته على تولي سمو الشيخ صباح الأحمد أميراً للبلاد في يناير 2006 في ما عرف حينها بأزمة الحكم، والغاء قانون التجمعات من خلال حكم تاريخي للمحكمة الدستورية، وكسر احتكار الصحف من خلال قانون المطبوعات الجديد، بغض النظر عن تحفظاتنا إزاء بعض بنوده، وتقليص عدد الدوائر الانتخابية من 25 إلى 5 دوائر عبر حركة شعبية شبابية ضاغطة رفعت شعار «نبيها خمس» آنذاك.

كل هذه التحولات والتغيرات التي من المفترض أن تصب في تدعيم النظام الديمقراطي وتقويته، لم تشفع لنظامنا السياسي لكي يرتقي بأدائه، فترهُّل الأداء الحكومي وتردِّيه لا يحتاجان إلى شواهد للتدليل عليهما، وهو ما انعكس بشكل ملحوظ في ضعف الأداء البرلماني.

هكذا، اتجاهان متناقضان، كعربة واحدة يجرها حصانان، في اتجاهين متعاكسين.

ويبدو أن سنوات من التخريب والتلاعب الحكومي بالمسيرة السياسية قد خربت ثقافتنا المجتمعية، وجعلت الممارسة السياسية أقل من أن تتفاعل مع تحولات هيكلية بهذا الحجم، وليس أدلَّ على ذلك من أن «فكرة» الحل غير الدستوري مازالت تُطرح كحل لأزمتنا الراهنة، مع أنه من المفترض شطبها تماما كمصطلح وكأداة للتعامل مع الأزمة.

نعم، هناك حاجة إلى أن نعترف بعمق الأزمة، وأنها تتجاوز استجواباً هنا أو هناك، ولكنْ على أرضية العقد الاجتماعي الدستوري.

لقد حمى الدستور الكويت إبان الأزمات الأكثر شدة، فكان الأرضيةَ التي جمعت الحاكم والمحكوم في المؤتمر الشعبي خلال الغزو المشؤوم، كما كان الدستور مخرجا منطقيا وفاعلا خلال أزمة الحكم في 2006، وأتذكر الذهول الذي أصاب أحد الصحافيين الأجانب واستغرابه أنه لم يرَ دبابة واحدة، ولا تحركات أمنية غير عادية في شوارع الكويت، وكيف كانت قاعدة الحل تنطلق في قاعة عبدالله السالم بمجلس الأمة وعلى أساس دستوري، فكيف يأتي من يأتي اليوم ليدفعنا دفعا في اتجاه مجهول، ونتائجه الكارثية معروفة سلفاً؟ بسبب ممارسات ركيكة هزيلة من الحكومة أو من بعض النواب.

الكويت جميلة بدستورها، وبحرياتها، وبتعدديتها، ومع ذلك علينا أن نعترف بالعجز، ومن ثم تنطلق المبادرات لإصلاح ذلك العجز على قاعدة الدستور حتى تستعيد الكويت حيويتها.

back to top