ملتقى الثلاثاء
شهد الأسبوعان الماضيان عودة جديدة لملتقى الثلاثاء الثقافي الذي اقترن اسمه وحضوره وفعله بالروائي إسماعيل فهد إسماعيل، وإذا كنت أحد أبناء الملتقى، الذين شاركوا في فعالياته منذ انطلاق فكرته الأولى، فإنني أرى ضرورة التنبه الى مجموعة أمور تخصّ شكل عودة الملتقى.
لقد استطاع الملتقى في سنوات حضوره الأخيرة، أن يؤمن علاقة وطيدة بمجموعة من الأدباء الشباب، وكان بذلك إنما يمد جسر علاقة انسانية وثقافية بين أكثر من جيل، وأظن أن ذلك هو الأهم في فعل الملتقى على الساحة الكويتية. فالمؤسسات الثقافية والأدبية والفنية في الكويت سواء كانت الرسمية أم الأهلية تقدم أنشطتها وفق أجندتها الخاصة، ووحده ملتقى الثلاثاء، بالإضافة الى نشاطه الثقافي، كان بمنزلة لقاء ود وحب ووصل إنساني، مما خلق منه حالة ثقافية خاصة، بما أوجد من أواصر علاقات إنسانية وثقافية ما كان لها أن توجد في مكان آخر، فالملتقى كان يعقد جلساته في مكان صغير، وسط ترحيب شخصي من إسماعيل بوصفه صاحب المكان والملتقى، وبوصفه صديقا للجميع وهذا الترحيب وتلك البساطة خلقا حالة صداقة بين رواد الملتقى، لتتحول مع الوقت إلى صفة ملازمة لجلسات الملتقى، وليكون بذلك أقرب إلى لقاء الأصدقاء منه إلى اللقاء الثقافي. الفعل الثقافي ورفد الساحة الثقافية في الكويت بأفكار جديدة عمل مطلوب ومهمة ثقيلة على عاتق الملتقى، لكن خلق حالة إنسانية ثقافية بين الأجيال الشابة الواعدة وبين أجيال سابقة عليها، مهمة أكثر إلحاحاً من غيرها، كما أن رعاية أي موهبة صغيرة، ومتابعة جمهور واعٍ ومحب هو ما سيبقى للملتقى. أعرف أن هناك صداقات قديمة تجمع بين رواد الملتقى الأقدم، وهذه الصداقات تشتاق إلى لقاء يجمع هواجسها وأمانيها. لكن الملتقى في صيغته الجديدة يحتاج إلى جهد منظم ومخلص لتجميع الشباب ولمّهم من حوله، وهذا لا يأتي إلا حين يشعر هؤلاء الشباب بأن الملتقى يخصّ إبداعاتهم من جهة، ويقدم ويناقش ما يهمهم من جهة أخرى. إن وجود إسماعيل الفهد كشخصية ثقافية على رأس الملتقى يؤمن له سمعة ثقافية طيبة محلياً وعربياً، لكن هذا لا يكفي لإنجاح مهمة الملتقى، بل يتطلب دراسة واعية ومخلصة ومتبصرة في الساحة الثقافية الكويتية، ومن ثم العمل على سدّ الثغرات والفجوات الموجودة فيها، وتقديم نشاط يعجز الآخر عن تقديمه لسبب أو لآخر. وأعني بذلك كون الملتقى متخلصا من أي قيود إدارية أو مؤسساتية. أعلم جيداً طموحات إسماعيل الفهد الثقافية الكبيرة المشروعة وأعلم تفانيه وإخلاصه في سبيل تحقيقها، لكنني أعلم ايضا بأن جلسة حوار ومناقشة آراء واقتراحات عموم رواد ومحبي الملتقى في بداية انطلاقه أمر مطلوب، ليعرف إسماعيل ورواد الملتقى ما الذي يدور في خلد الآخر، ويستطيعوا أن يقدموا وهجا ثقافيا طال انتظاره، وإلا سيتحول الملتقى إلى لقاء أسبوعي يمر كما تمر أنشطة ثقافية كثيرة من دون ان يلتفت إليها أحد، ومن دون أن تترك أثرها في الساحة الثقافية.