الكويت ضاعت بين الرئيسين

نشر في 22-10-2008
آخر تحديث 22-10-2008 | 00:00
 أحمد عيسى يوم أمس استمعنا إلى خطابي رئيسي السلطتين واندهشنا من تسيد لغة جديدة ترتكز على تشخيص الحالة دون تقديم العلاج، وتبادل الاتهامات بدلا من العمل على تجاوز المشكلات. وضاعت الكويت بين الرئيسين، فجلس المواطن مترقبا ما ستؤول إليه هذه الحرب الخفية بين المؤسسات.

افتتح البرلمان أمس موسمه السياسي الجديد، وجاءت كلمات رئيسي السلطتين مغايرة لما كانت عليه قبل يومين، فبينما تمنى رئيس السلطة التنفيذية قبل يومين أن تسود روح التعاون بين الطرفين، وظهر مبتسما في الصورة التي جمعته بنظيره، عاد أمس وألمح إلى أهمية التزام كل سلطة بحدود اختصاصاتها، وإدراك السحب القاتمة بأجواء منطقتنا.

هناك مشاريع أزمات كثيرة تنتظر الحكومة، بينها قنابل موقوتة لا نعلم متى ستنفجر، وملفات مؤجلة، ستلقي بظلالها سلبا على العلاقة بين السلطتين، متى ما فتحت، وهناك محاولات متواصلة لتحميل وسائل الإعلام مسؤولية ما يحدث، بينما هي انعكاس لا يدور.

ووسط كل هذا نجد أن الفساد التشريعي ضرب أطنابه داخل مجلس الأمة، وتجسد بالموافقة على إلغاء تجريم قانون الانتخابات الفرعية، إذ شرّع للجريمة من شارك فيها، وقابل ذلك حكومة تتباهى بالإصلاح وتبني مشاريعه، وهي ذاتها التي ارتفعت نسبة الفساد داخل مؤسساتها إلى 70 في المئة عما كانت عليه العام الماضي، بحسب تقرير قيد الإعداد لديوان المحاسبة.

الخطة الحكومية التي يحاول مجلس الوزراء تمريرها للحصول على 35 مليار دينار، هي خطة ورقية وإجراء شكلي دستوري مرتبط بعمر هذه الحكومة، وبالتالي فهي لن تحسن من مستوى معيشة المواطن، كونها اعتمدت على الشكل وتركت المضمون، فركزت على البناء وأهملت الإدارة، فبناء مستشفى جديد وفقا للعقلية نفسها التي يدار فيها القطاع الطبي لن يحسِّن من مستوى الخدمات الصحية، وكذلك بناء مدراس جديدة لن يطِّور من مستوى التعليم.

الأزمة التي تعانيها الكويت أزمة إدارة بحتة، وليست أزمة مخصصات مالية، فحسن التدبير يؤدي إلى ضبط المصروفات، ويقود إلى تحسين مستوى العيش، ومتى ما غابت الإدارة حضر الهدر والتبذير، وهذه هي مشكلة الكويت الحقيقية.

يوم أمس استمعنا إلى خطابي رئيسي السلطتين واندهشنا من تسيد لغة جديدة ترتكز على تشخيص الحالة دون تقديم العلاج، وتبادل الاتهامات بدلا من العمل على تجاوز المشكلات، فقد اختلف الرئيسان حول أجواء ملبدة بالغيوم وتدخل نواب في أعمال الوزراء وفقا لما حملته الكلمات المخفية بين سطور خطاب رئيس الحكومة، بينما وجد رئيس البرلمان أن أداء السلطة التنفيذية دون المستوى، وأن هناك حالة من التوتر وانعدام الثقة في علاقة السلطتين بسبب غياب حكومة البرنامج، وعدم وضوح الرؤية المستقبلية، وارتباك الأداء التنفيذي.

الكويت ضاعت بين الرئيسين، فجلس المواطن مترقبا ما ستؤول إليه هذه الحرب الخفية بين المؤسسات، وهو مدرك بأن قطار التنمية فات الكويت، وعليها أن تدفع ثمنا باهظا للحاق به، خصوصا وسط تقلبات أسواق المال العالمية، ووجود حكومة ونواب لا يفقهون فيما يتحدثون، أو يقولون ما لا يعملون، وهو الأخطر.

back to top