من طرائف الرئيس الليبي أنه يظن بأحقيته بأن يحكم شعباً أكثر عددا من الشعب الليبي، كالشعب المصري مثلا، من هنا استقبل منذ أسابيع شيوخ وملوك القبائل الإفريقية الذين نصّبوه وعمّدوه ملك الملوك لإفريقيا مدى الحياة! كما أنه بصدد عمل استفتاء يمكنه من أن يكون رئيسا مدى الحياة!

Ad

* وحده الله سبحانه يعرف عدد وأنواع الألقاب التي ينعت بها الرئيس العقيد وهو لقبه الأول الذي تشبث به، بدعوى عدم التأسي بأقرانه الرؤساء الذين يصدرون «فرماناً» بترقية فخامتهم إلى رتبة المشير والفريق! ولو شئت لي ـ أيها القارئ ـ التفلسف والتنظير وفق طريقة الأديب العملاق «عباس العقاد» المتكئة على اكتشاف مفاتيح الشخصية التي تشرع للباحث سبر أغوارها، والكشف عن مواطن العبقرية فيها كما تبدت ببلاغة فذة في سلسلة «العبقريات» لقلت إن المفتاح الرئيسي لفخامته يكمن في رغبته المتسلطة عليه بسرقة المشهد، وخطف الأضواء، والاستحواذ على عيون الكاميرات الفوتوغرافية والتلفزية!

وكما يقولون في لغة السينما، في معرض اللوم والتأنيب للفنان الذي يخون زملاءه المشاركين في المشهد، بأنه سارق للكاميرا، وإذا صح هذا الزعم، فإن سرقة الكاميرا هي المفتاح الرئيسي «الهيد ماستر» الذي يفسر لنا «صرعاته وعراته» المثيرة للجدل المضمر بالقهقهة الخارجة من رحم شر البلية ما يضحك!

* في مطلع عقد الثمانينيات زار «الأستاذ» البلاد، والتقيته على العشاء بمنزل الصديق النسيب الأخ «أحمد علي الدعيج» رحمه الله، وأذكر أني سألته رأيه في شخصية «العقيد» فقال ـ بعد أن مج نفسا عميقا من سيجاره الكوبي الفاخر: الحق أني أراه مراهقا نزقا! فهل كان كذلك؟! سأعرض إلى عينات ونماذج شتى من ممارساته المدللة على فتنة وغية سرقة الكاميرا إياها! في أول قمة عربية حضرها العقيد أصر على دخول مقر الاجتماع بمسدسه العسكري! وكاد يسبب أزمة لولا تدخل الرئيس عبدالناصر رحمه الله الذي سحب منه المسدس ووضعه في صندوق «الأمانات» بجامعة الدول العربية. ومن ثم تعاقبت عملية سرقة الكاميرا بين حين وآخر فذات صرعة طلع علينا بقرار يقضي بتغيير التاريخ الهجري إلى التأريخ بداية من ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم! وراعه أن يكون العم «ماو» الزعيم معروفا بالكتاب الأحمر الذي كان يقتنيه الشعب الصيني ويقرؤه عنوة، فسارع بتدبيج «الكتاب الأخضر» ليضع نفسه بقامة «ماو» ولا زعيم أفضل من الآخر!

وأعقب ذلك استبداله الأسماء العالمية لأنواع السيارات الأوروبية والأميركية! وهكذا تحولت «الفولكس فاغن» إلى عربة الشعب! وسيارة «البيجو» الفرنسية إلى: اليمامة! وعلى ذلك فقس بقية أنواع السيارات! وعلى الرغم من إخفاقاته المتتالية في الوحدة مع بعض الدول العربية وغيرها «كمالطة وتشاد» فإن الإحباط لم يستحوذ عليه، ويكبحه عن بازار الوحدة الذي افتتحه لكل من هب ودب! وجاءه حين من الدهر استقال فيه من العرب والعروبة، ويمم قبلته الوحدوية صوب الأفارقة وإفريقيا بدعوى أنه إفريقي قح وصار هاجسه هو نشوء وولادة: الولايات المتحدة الإفريقية نكاية بجامعة الدول العربية التي طلقها طلاقا بائنا وأعادها إلى عصمته بدون «محلل» ولا يحزنون سوى الشعب الليبي فقط لا غير! والطريف أنه يظن بأحقيته بأن يحكم شعباً أكثر عددا من الشعب الليبي، كالشعب المصري مثلا، من هنا استقبل منذ أسابيع شيوخ وملوك القبائل الإفريقية الذين نصّبوه وعمّدوه ملك الملوك لإفريقيا مدى الحياة! كما أنه بصدد عمل استفتاء يمكنه من أن يكون رئيسا مدى الحياة! والحق أن شخصيته ثرية مركبة تبحث عن مؤلف يسبر لنا أسباب ومبررات عشقه الأزلي لسرقة الكاميرا في كل مناسبة وبدونها!

 

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء