البطالة وأوقات الفراغ بين الشباب هما تحديان جوهريان يواجهان الحكومة ومجلس الأمة في جولتهما الجديدة، ونأمل أن يؤخذ هذان التحديان التنمويان في الاعتبار، وأن تعلن الحكومة، بمساندة مجلس الأمة، السياسات التي ستتخذها لمواجهتهما على الأجلين القصير والبعيد.تؤكد آخر الإحصاءات الرسمية التي استطعنا الحصول عليها أن الشباب من الفئة العمرية 15 إلى 19 سنة يشكلون ما نسبته 27.6% من مجموع السكان الكويتيين وأن نسبة من هم تحت سن 14 عاماً هي 41.7 من مجموع الكويتيين، وهذا يعني أن المجتمع الكويتي هو مجتمع شباب حيث إن فئة الشباب تشكل ما نسبته 69.3% من عدد الكويتيين.
هذه التركيبة السكانية المختلة للكويتيين تطرح تحديين كبيرين يجب على الحكومة ومجلس الأمة مواجهتهما ووضع السياسات الكفيلة للحد من آثارهما السلبية.
التحدي الأول، هو وقت الفراغ الكبير الذي يعانيه هؤلاء الشباب مع بدء العطلة الصيفية، فهل هنالك يا ترى سياسات حكومية فاعلة ومتكاملة لكيفية استثمار أوقات فراغ الشباب بما يعود عليهم وعلى وطنهم بالفائدة؟ إذا كان الجواب بالإيجاب، فما هي هذه السياسات العامة؟ وهل أثبتت فعاليتها؟ ثم لماذا لا يتم الإعلان عنها الآن حتى يعرفها الشباب وأولياء أمورهم ويستفيدوا منها؟ أما إذا كانت هذه السياسات الحكومية غير فاعلة أو غير موجودة أصلاً، فالمطلوب الاعتراف بذلك والبدء في رسم سياسات عامة جديدة لاستثمار أوقات الفراغ التي يعانيها الشباب التي قد ينشأ عنها، إن لم تستثمر بالشكل الصحيح، مشاكل اجتماعية وسلوكية ونفسية، ستطال ليس فئة الشباب فحسب، بل أسرهم والمجتمع ككل، أيضاً.
أما التحدي الثاني، فهو ظاهرة البطالة التي تزداد عاماً بعد آخر، وما يترتب عليها من مشاكل تنموية اجتماعية وسياسية واقتصادية وأخلاقية وأمنية كثيرة. وللأسف الشديد فإن الحكومة لاتزال مترددة في الاعتراف الرسمي بوجود هذه الظاهرة، وهي الخطوة الأولى باتجاه إيجاد حلول ناجعة لها. مما ترتب عليه أن الأرقام الرسمية المتوافرة لمعدل البطالة بين الكويتيين لاتزال متضاربة والسياسات الحكومية لكيفية مواجهتها لاتزال غير واضحة. فكل ما هنالك هو اجتهادات حكومية فردية متفرقة، ولكنها لا تمثل سياسة عامة محددة وواضحة وقابلة للتطبيق والقياس في المديين القصير والطويل.
الآن وحيث إننا بانتظار الخطة التنموية للدولة التي وعدتنا الحكومة الجديدة، التزاماً منها بنص المادة 98 من الدستور، بأنها ستكون جاهزة أمام مجلس الأمة في الشهر المقبل، فإننا نأمل أن يؤخذ هذان التحديان التنمويان في الاعتبار، وأن تعلن الحكومة بشكل واضح السياسات التي ستتخذها لمواجهتهما على الأجلين القصير والبعيد.
كما نأمل أن يكون هذا الموضوع من ضمن أولويات مجلس الأمة، وألا ينشغل أعضاؤه في ملاحقة تصرفات بعض الشباب وما يترتب عليها من سلوكيات قد تكون غير مقبولة اجتماعياً وأخلاقياً، لأن هذه السلوكيات ماهي إلا أعراض جانبية لأمراض مجتمعية أعمق متى ما عولجت فإن أعراضها الجانبية ستنتهي.