النيابة المصرية تتهم تنظيم الـ 49 بالتخابر مع دولة أجنبية زعيم الخلية ينفي… وحملة ضد حزب الله واتهام نصر الله مجمَّد القاهرة: لن نقفز فوق التحقيقات... ولن نستعجل اتهام أحد هآرتس: الاستخبارات المصرية تطلع نظيرتها الإسرائيلية على نتائج التحقيق

نشر في 13-04-2009 | 00:00
آخر تحديث 13-04-2009 | 00:00
No Image Caption
تتصاعد قضية تنظيم «حزب الله» في مصر، بشكل اطرادي، مع توجيه الاتهام إلى المجموعة المعتقلة بالتخابر مع دولة أجنبية، في حين ظهر أمس، المزيد من خيوط القضية التي يبدو أنها مازالت معقدة ومتداخلة.

شهدت قضية تنظيم «الـ49» المتهمين بمحاولة تأسيس تنظيم تابع لـ«حزب الله» اللبناني تحولا لافتا أمس، إذ وجهت نيابة أمن الدولة المصرية إلى كل المتهمين تهمة التخابر مع دولة أجنبية بهدف الإضرار بالمصالح المصرية، عن طريق جمع المعلومات ورصد الأماكن الحيوية في مصر، ومنها قناة السويس ومحافظتا شمال وجنوب سيناء. وبدأت التحقيقات مع المتهم الأول في القضية سامي شهاب، الذي اعترف أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله بعضويته في الحزب، في حين تحوّلت قضية التنظيم إلى قضية سياسية بامتياز، إذ دشّن سياسيون ومسؤولون إعلاميون حملة عنيفة ضد «حزب الله» اتهموه فيها بمحاولة اختراق الأمن القومي المصري، والعمالة لإيران بهدف النيل من استقرار مصر.

إلا أن وزير الشؤون القانونية مفيد شهاب أكد أن مصر لن تستعجل اتهام أحد، بينما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية مقربة من «الموساد» أن أجهزة الاستخبارات المصرية كانت على علم تام بخلية «حزب الله» اللبناني في الأراضي المصرية منذ عام 2006 وربما قبل ذلك، وأنها كانت تهدف إلى دعم تهريب السلاح وليس تنفيذ أعمال تخريبية.

التحقيق مع شهاب

وكانت نيابة أمن الدولة العليا بدأت مساء أمس الأول، التحقيق مع شهاب، المتهم بقيادة «تنظيم حزب الله» في مصر، وسط إجراءات أمنية مشددة، ولم يحضر التحقيقات ممثل عن السفارة اللبنانية، رغم إخطار النيابة للسفارة لحضور التحقيقات.

وتبيَّن أن شهاب هو محمد يوسف منصور -لبناني الجنسية. وسامي شهاب هو الاسم الذي يتعامل به في مصر، وأنه له اسمان حركيان هما «أبو يوسف» و«منير». واعترف المتهم بأنه دخل مصر بطريقة غير مشروعة عن طريق الأنفاق، وأنه أقام في القاهرة منذ فترة وعمل بتجارة المنتجات الجلدية حتى تكون ستاراً للتنقل بين القاهرة وسيناء، وأنه خلال هذه الفترة كان يتردد على مصر عن طريق الأنفاق.

وذكرت جريدة «الأهرام» القاهرية أن الأجهزة الأمنية رصدت المتهم الأول في القضية منذ فترة طويلة، إذ تم تركه طليقاً تحت سيطرة الأجهزة الأمنية، حتى تم القبض عليه مع الإشارة التي أطلقها نصرالله في خطبة عاشوراء الشهيرة.

ووجهت النيابة إلى المتهمين أيضا اتهامات تشكيل وتكوين تنظيم سري مناهض يدعو إلى قلب نظام الحكم والخروج على الحاكم، والإعداد لمخططات إرهابية وتخريبية في مصر، والقيام بأعمال عدائية ضد المنشآت المهمة، وإحراز مفرقعات لاستخدامها في الأعمال الإرهابية، والتزوير في أوراق ومحررات رسمية، وتصل عقوبة هذه الاتهامات حسب القانون الجنائي المصري إلى الإعدام أو السجن المؤبد على أقل تقدير.

واستعجلت النيابة التقارير الفنية الخاصة بالبطاقات الشخصية التي تم ضبطها بحوزة المتهمين التي تم إرسالها إلى مصلحة الأحوال المدنية. وأفاد التقرير المبدئي بأن هذه البطاقات مزوّرة.

وقالت مصادر قضائية، إنه تمت مواجهة المتهمين بلائحة الاتهامات المنسوبة إليهم، وأبرزها تكوين خلايا عنقودية داخل التنظيم، والتخطيط لأعمال تخريبية، واستهداف المصالح الأجنبية في مصر، وتهريب السلاح إلى غزة، وبعض المتهمين اعترفوا بالانتماء إلى «حزب الله»، لكنهم نفوا استهداف شخصيات معينة أو القيام بأعمال تخريبية في مصر، ومن بين المتهمين من تفاخر بانتمائه إلى «حزب الله»، لكنه نفى استهداف المصالح الأجنبية، وأنكر سعيه إلى تكوين خلية لـ«حزب الله» في مصر. وأكد بعض المتهمين أن بينهم من المسلمين السنة، وأن منهم من كان يقيم في سيناء وأنهم تعرفوا على فلسطينيين كانوا يقيمون في سيناء بجوار غزة.

المتهمون المصريون

ونفى المتهمون المصريون وعددهم 12، معرفتهم بالقيادي البارز في «حزب الله» محمد قبلان، التي أشارت تحريات مباحث جهاز أمن الدولة إلى أن الاتصالات كانت تتم معه، عن طريق شهاب، عبر شبكة مشفرة من الاتصالات.

وذكر المتهمون المصريون في التحقيقات أنهم لا يعرفون المتهم اللبناني سامي شهاب، وأنهم يعملون كعمال بناء في سيناء، وأنهم فوجئوا بإلقاء القبض عليهم، وتوجيه اتهامات إليهم بالتخابر لمصلحة دولة معينة. وأشار المتهم نمر الطويل إلى أنه يدعم «حزب الله»، وأنه سني وليس شيعياً، وأنه يعرف المتهم سامي شهاب وأن مهمته كانت تقتصر على مساعدة شهاب في دعم الفلسطينيين، مشيرا إلى وجود شخصين من المتهمين من فلسطين كانا قد دخلا الأراضي المصرية بطريقة غير مشروعة. وأشار نمر في التحقيقات إلى أن شهاب كان يطلب منه مده بمعلومات حول المجرى الملاحي وأماكن الأنفاق في سيناء، وأنه كان يحصل مقابل ذلك على مبالغ مالية. وكشفت تحقيقات النيابة كذلك عن أن الخلية التنظيمية قسمت نفسها إلى أربع مجموعات منها المساعدات الإدارية وقسم آخر للمساعدات الفنية وثالث للتجنيد والرابع قسم التنفيذ للعمليات المكلفين بها من «حزب الله»، وأنها اشترت واستأجرت شققا في رفح والشيخ زويد وبعض الأحياء الراقية في القاهرة.

قضية سياسية

وتحوّلت قضية «تنظيم حزب الله في مصر» إلى قضية سياسية بامتياز، إذ تبارى سياسيون ورسميون مصريون أمس، في الهجوم على «حزب الله»، وانتقاد أمينه العام، وما قالوا إنه «محاولة من الحزب لاختراق الأمن القومي المصري»، كما اعتبر المسؤولون المصريون اعتراف نصر الله بعضوية المتهم الأول في القضية سامي شهاب بالحزب دليلا دامغا على أن «مصر لا تلفق الاتهامات، ولا تلقي بها جزافا».

وقال وزير الإعلام المصري أنس الفقي: إن «مصر لن تقف مكتوفة الأيدي، وانها سترد بكل قوة وحسم على أي محاولة للنيل من أمنها القومي». وأوضح الفقي أن مصر «لا تلقي بالتهم جزافا ولا تتخذ من الإجراءات ما يفتقر إلى الأدلة والبراهين، وأن ذلك يؤكد اليقظة الدائمة لأجهزة الأمن المصرية».

يد من حديد

وألقى كل من أمين عام الحزب «الوطني» صفوت الشريف والوزير مفيد شهاب كلمتين اتصفتا بالحدة، إذ طالب الاثنان بـ«الضرب بيد من حديد» على أيدي التنظيم، إلا أن شهاب طرح في كلمته ما ينبئ بعدم اتخاذ قرار باتهام نصر الله، إذ قال إننا: «مع الالتزام بأحكام الدستور والقانون والأعراف الدولية ومبادئ القانوني الدولي».

وأكد شهاب أن «الحكومة لا يمكنها والتحقيقات مازالت جارية أن تقفز إلى نتائج أو تؤكد اتهامات أو تصدر أحكاماً أو تعلن تحديداً من كان وراء هذا الأمر، إلا بعد انتهاء التحقيقات والإحالة إلى المحاكمة وتحديد الاتهامات». في غضون ذلك، أصدرت لجنة الشؤون العربية والأمن القومي في مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) بياناً أكدت فيه أن اعتراف نصر الله بأن المعتقل اللبناني سامي شهاب هو عضو في «حزب الله» هو دليل دامغ على ضلوع «حزب الله» وزعيمه في المؤامرة، ويمثل تهديداً شديد الخطورة لأمن مصر القومي.

الإعلام الإسرائيلي

إلى ذلك، احتلت القضية مساحة كبيرة في وسائل الإعلام الإسرائيلية، إذ ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس، أن أجهزة الاستخبارات المصرية تطلع نظيرتها الإسرائيلية على نتائج التحقيق مع خلية «حزب الله» في القاهرة، مؤكدة أنه سبق لتل أبيب تحذير السلطات المصرية من خطورة التغلغل الإيراني في مصر عبر نشطاء لـ«حزب الله».

بيد أن شبكة «ديبكا» الإسرائيلية القريبة من «الموساد» قد اختلفت تماما عما سبق ذكره، إذ زعمت أن أجهزة الاستخبارات المصرية على علم تام بخلية «حزب الله» داخل الأراضي المصرية منذ عام 2006 وربما قبل ذلك،. قالت الشبكة إن القاهرة لم تُرِد اتهام طهران بالمسؤولية المباشرة عن الشبكة أو الخلية التي اعتقلتها أجهزة الأمن المصرية، وان الأهداف الحقيقية وراء تكوين هذه الخلية يكمن في البحث عن معلومات وطرق استراتيجية داخل الأراضي المصرية وتحديدا حول قناة السويس الملاحية ومدنها الثلاث، وتهيئتها للاستخبارات الإيرانية حتى يمكنها العمل في المستقبل بسهولة ويسر حول بلدان البحر الأحمر.

أهالي المعتقلين يشككون

وشكك أهالي المعتقلين على خلفية اتهامهم بتكوين تنظيم تابع لـ«حزب الله» في مصر، في صدق الاتهامات الموجهة إلى أبنائهم، وروى هؤلاء الأهالي لـ«الجريدة» كيف تم اعتقال أبنائهم رغم أنهم لم يزاولوا من قبل أي عمل سياسي، ولم تعرف عنهم انتماءات حزبية، إضافة إلى أن القبض عليهم كان عشوائيا.

وذكر والد أحد المعتقلين أن ابنه وقع ضحية حملة اعتقالات جماعية لدى سفره إلى القاهرة لتلقي العلاج، وأوضح ذوو المعتقلين أن قوات الأمن رفضت الإفصاح عن أسباب أو مكان اعتقال أبنائهم، وأن معلومات تم تسريبها كشفت عن تعرضهم لعمليات تعذيب داخل مقار الاعتقال.

قال الحاج ماهر إبراهيم عوض، والد أحد أبناء «العريش» المختفي منذ 17 مارس الماضي لـ«الجريدة»، إن ابنه عبدالله حاصل على ليسانس الدعوة الإسلامية من جامعة الأزهر، سافر إلى القاهرة للعلاج وعند استقلاله حافلة لنقل الركاب استوقف أحد الأكمنة الحافلة، وطالب رجال الشرطة الركاب بكشف هوياتهم، وأضاف «تم السماح للجميع بالمغادرة عدا ابني عبدالله بعد أن علموا أنه من مواطني شمال سيناء».

أما الحاج عبدالهادي محمد علي القليوبي (55 عاماً) وهو أب لثلاثة أبناء وخمس بنات فقال: «اختُطف ابني في أول ديسمبر 2008 من منزله، بعد أن عاد من عمله كعامل بناء من قبل قوات كبيرة، ترتدي ملابس مدنية وبعد أربعة أيام من احتجازه ذهبت والدته وأخته ليسألا عنه في أمن الدولة بـ«العريش»، فأخبروهما أنه غير موجود رغم أن أحد المحتجزين ممن أفرج عنهم لاحقا أخبرنا بأنه قضى يومين ثم تم ترحيله إلى القاهرة».

back to top