مرت أيام شهر رمضان كمر السحاب ليحل العيد من جديد، وكأننا عشنا العيد الفائت بالأمس، لكن بأي حال عاد هذا العيد؟ عاد كما كان بالأمس... عيدا مفرّغا من محتواه... عيدا مليئا بالمآسي والأحزان. فمن جهة، من المفترض أن يفرح الناس بالعيد لغفران الذنوب بعد شهر مليء بالعبادة، لكن واقع الحال يقول عكس ذلك، إن لم نقل إن علينا الحزن لما جرى في هذا الشهر الفضيل الذي تحول من شهر العبادة والقرآن إلى شهر الرقص والمسلسلات وبرامج المسابقات والفوزاير «المايعة» والمبتذلة وتوزيع الجوائز.
ومن جهة أخرى أصبح العيد عذرا للإسراف والتبذير في وقت يئن عشرات آلاف البدون تحت نير الظلم والقهر المزمن حتى بات همّ الكثير منهم يوميا هو تأمين القليل من الطعام لعائلاتهم في وقت لا يبدو أن الحكومة عازمة على حل هذه الكارثة المزمنة، بدليل تصريح القطب الحكومي «التعيس جدا» بأن الحكومة تريد حل المشكلة على فترة عشر سنوات!في هذا العيد وبينما يتلقى أطفالنا «العيادي» ويلبسون أحسن الثياب، نرى كثيراً من الأطفال البدون يقفون عند إشارت المرور أملاً في بيع الألعاب على السيارات. في هذا العيد وبينما يوجد لدينا رعاية صحية وعلاج في الخارج، هناك من البدون من لا يستطيع تأمين أبسط الأدوية وسبل العلاج لأطفاله المرضى، ويعلم الباري عز وجل كم من البدون انتقلوا إلى رحمته بسبب هذا الوضع المزري مع أن علاجهم متوافر وبسهولة. في هذا العيد، الفرح منزوع من وجوه أبناء الشهيد حمود ناصر العنزي الذي قدم حياته دفاعا عن تراب هذا الوطن بينما تكافأ عائلته بتشريدها في الأردن في ظل ظروف الحرمان الصعبة، وفي ظل ظروف والدتهم الصحية. يمر على أبناء الشهيد هذا العيد وكأنه أي يوم عادي... يبيتون والدمعة على وجوههم والقهر في صدورهم، ويستمر وضعهم هذا بالرغم من العديد من المقالات والمناشدات التي كتبت للجهات المعنية لحل هذه المشكلة، لكن ماذا نفعل إن كان مسؤولونا لايعيرون الأمر اهتماما؟!في أيام العيد هذه تعيش عائلة المواطن البدون أحمد مشاري الشمري في حالة مزرية بسبب سجن معيلهم لأكثر من أربعة أعوام في سجن طلحة للإبعاد، مع أنه لا يجوز إبقاء مبعد أكثر من شهر واحد فقط. والتهمة بالطبع حمل جواز مزور مع أن بعض الجهات الحكومية كانت تشجع البدون في إحدى الفترات على اقتناء مثل هذه الجوازات! وطبعا تمر مثل هذه المهازل مرور الكرام لأن الإنسان لا قيمة له في هذا المجتمع الذي تعوّد على السكوت على الظلم والقهر بل المشاركة فيه. وكل الشكر للزميل د.سامي ناصر خليفة على تنبيهنا على هذا النموذج الذي أجزم بأن له حالات مشابهة.أما إذا ألقينا الضوء على أحوال المسلمين عامة، فحدّث ولا حرج، فالقتل مستمر في العراق وأفغانستان على أيدي المسلمين المجاهدين الأبطال الذين تركوا الصهاينة ليتفرغوا لأتباع دينهم، فضلا عن قوات الاحتلال التي تقصف العوائل وتهدم المنازل على رؤوسهم ثم تقول «آسف»! كما لا ننسى استمرار الحصار على أهلنا في غزة وسط صمت عربي مطبق، بل مشاركة في هذا الحصار. فبعد كل ما سبق ألا يحق لنا أن نقول: «عيد... بأي حال عدت يا عيد؟!».
مقالات
بأي حال عدت يا عيد أبناء الشهيد العنزي
02-10-2008