العندليب والثلاثي الكوكباني
من يعرف العندليب شخصيا يلحظ مباشرة جديته والتزامه الأدبي والأخلاقي لدرجة قلما نجدها في شباب جيله، وهو أمر طبيعي إذا عرفنا طبيعة البيئة التي نشأ وترعرع فيها، وهو رغم موهبته الصارخة مثال للتواضع والذوق الرفيع الذي أصبح نادراً في هذا الزمن المادي السريع.من أجمل اكتشافات 2008 الشاعر الشاب حسين العندليب الذي سبق أن كتبت عن أهمية تبنيه ودعمه، لما يحمله من كم هائل من الطاقات الإبداعية المتأهبة للتدفق والعطاء في مجال لم يبقَ للكويت صيتٌ فيه بعد انقراض الرعيل الأول من الشعراء وعلى رأسهم والد حسين نفسه.
ومن يعرف العندليب شخصيا يلحظ مباشرة جديته والتزامه الأدبي والأخلاقي لدرجة قلما نجدها في شباب جيله، وهو أمر طبيعي إذا عرفنا طبيعة البيئة التي نشأ وترعرع فيها، وهو رغم موهبته الصارخة مثال للتواضع والذوق الرفيع الذي أصبح نادراً في هذا الزمن المادي السريع، لذا فهو نادرا ما يعتذر عن أي دعوة لمشاركة الجمهور آخر إبداعاته رغم ازدحام جدوله اليومي إيماناً منه بأن شعره ملك للجميع، وأن الأدب والفن لغتا التواصل والتقارب بين فئات المجتمع المختلفة. لذا عندما يتعرض هو وزملاؤه لهجوم سافر من قبل الثلاثي «غير المرح» هايف والعمير ومسلم فلابد أن نشكك إما في صحة الخبر وإما في قوى أحد الطرفين العقلية، فهل يعقل أن يقدم العندليب على عمل «غير تربوي» و«مؤسف» و«مخالف» و«منحرف»؟ لا بل بدعوة وموافقة وإشراف من وزارة التربية بقيادييها وموجّهيها ومدرّسيها؟ أم يعقل أن نواب الأمة في خضم الأزمتين السياسية والاقتصادية لم يبق لهم سوى محاربة الشعر والشعراء؟ أم هي نفسها عقلية الفزعة والغيرة التي تطفئ العقل وتثور قبل أن تتبصر أو توازن أو تتأكد؟ ألم يقرؤوا قوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين»؟ أم تراها محاولة «ذكية» اعتبرت هذا الشباب الوطني كبش فداء لخلط الأوراق وتشتيت الانتباه؟أي من تلك الاحتمالات؟ أم العديد منها؟ أم ببساطة استمرار لمسلسل الظواهر السلبية بعد سبات قصير، ومجرد مثال آخر على عقلية الوصاية وتجسيد للهوس الجنسي بأشكاله المزمنة؟الحقيقة الوحيدة الواضحة أن وزارة التربية أعدت ودعت وأشرفت على «أصبوحة» شعرية لمجموعة من الطالبات المتفوقات عبر العديد من مدارس الكويت بوجود مدرسات وموجهات اللغة العربية وبمشاركة كوكبة من شعراء الكويت الشباب الذين التزموا التزاماً حرفياً بتوجيهات الوزارة بحصر قصائدهم بالوطنية بعيداً عن إثارة القضايا السياسية أو النعرات الطائفية أو العرقية. كيف تحول ذلك إلى «توجه خطير في مجتمعنا المحافظ الذي لا يرضى بهذا الأسلوب من الأنشطة المختلطة التي هي بداية لكسر «قانون منع الاختلاط» الذي يخص الجامعات؟... الله أعلم. ما كان يمكن أن يحدث لو كانت «أمسية» بدلا من أصبوحة؟... الله يستر!سؤال أخير: أما آن لهذا الليل الدامس أن ينجلي ولهذا الكابوس المفزع أن ينتهي؟