شكرا للتجمع السلفي... ولكن!
كلي أمل أن يعيد الإخوة في التجمع الإسلامي السلفي النظر في موضوع البدون، وألا يتأخروا في المساهمة في إزاحة هذا الظلم الكبير والمنافي للشريعة والإنسانية الواقع عليهم.من باب كوني ممن أثاروا موضوع موقف التجمع الإسلامي السلفي تجاه مشروع قانون الحقوق المدنية للبدون، سواء من خلال هذه الزاوية أو من خلال لقائي في برنامج «إضاءات-العربية» منذ أيام، يتملكني شعور بنوع من المسؤولية تجاه متابعة الموضوع، خصوصا بعدما أصدر التجمع الإسلامي السلفي بيانا يتحدث عن المسألة ويرد على من أثاروا الموضوع، وأنا منهم.
شكرا جزيلا للتجمع السلفي على بيانه وإن كنت أتمنى لو أنه جاء قبل ذلك بكثير وقبل أن يثار في الصحافة بشكل لعله أزعجهم، لكن لدي على البيان بعض الملاحظات التي تدور في فلك التبريرات التي ساقها التجمع حول عدم توقيع نوابه على مشروع القانون.التبرير الأول هو أنهم يتحفظون على المادة التي تطالب بوضع مسمى «غير محدد الجنسية» في خانة الجنسية في الوثائق المختلفة للبدون، لأن ذلك بحسب تفسيرهم سيلغي الدور الكبير الذي قامت به اللجنة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية والتي أثبتت أن الكثير من البدون يحملون جنسيات دول أخرى ويحجمون عن الاعتراف بذلك. هذا الكلام، وأرجو المعذرة من الإخوة في التجمع السلفي، لا يستقيم لا منطقا ولا حتى عقلا، وذلك لأنه من أثبتت، وأكرر، أثبتت، مع وضع خطين تحت كلمة أثبتت، أقول أثبتت اللجنة التنفيذية أنه يحمل جنسية بلد آخر، فمن المفروض ألا يبقى في سجلات البدون أصلا طوال هذه السنوات الماضية، وأن يكون قد أحيل إلى القضاء بتهمة التزوير والتلاعب لتنزل به العقوبة المستحقة، وبالتالي فهو غير داخل على الإطلاق في مشروع القانون المقترح.هذا الكلام سبق لي أن قلته شخصيا في حضور وزير الداخلية الأسبق الشيخ جابر المبارك، وكررته في حضور وزير الداخلية الحالي الشيخ جابر الخالد، وقلته كذلك لأمين سر اللجنة التنفيذية سابقا العميد فيصل السنين. وفي تصوري أنه كان الأجدر بالتجمع الإسلامي السلفي أن يفكر بنفس الطريقة فيطرح تساؤلا بالسبب الذي يمنع اللجنة التنفيذية من إحالة هؤلاء المتلاعبين إلى القضاء لإخراجهم من قوائم البدون ما دامت الإثباتات على حملهم جنسيات أخرى موجودة وقائمة!التبرير الثاني الذي جاء به الإخوة في التجمع لرفضهم التوقيع، هو قولهم إن القانون ألزم الحكومة بتوفير العمل للبدون في مادته التي قالت إن من حق البدون اختيار العمل في القطاعين الحكومي والخاص. هذا التبرير، وأرجو المعذرة مجددا، تبرير ركيك، فنص المادة واضح بأنه يتوقف عند إعطاء الحق للفرد من البدون بالبحث عن العمل في القطاعين الحكومي والخاص، دون إلزام لأحد بتوفير العمل له. مدار المادة هو السماح قانونيا للبدون بالعمل في أي قطاع حين يجد الفرصة المناسبة والجهة التي تقبله عندها بحسب احتياجاتها واستيعابها.الموضوع واضح لا لبس فيه، ولا يحتمل المكابرة، وكلي أمل أن يعيد الإخوة في التجمع الإسلامي السلفي النظر في هذا الموضوع، وألا يتأخروا في المساهمة في إزاحة هذا الظلم الكبير والمنافي للشريعة والإنسانية الواقع على البدون.