نشرت إحدى الصحف الزميلة أمس على صفحتها الأولى تصريحا لمصدر مسؤول في وزارة الكهرباء والماء، لم تنشر اسمه، جاء «وكأنه» رد على مقالي السابق، لذلك فمن الجدير أن أتناوله.

Ad

هذا المصدر جدد ذكر تلك القصة التي جاء بها الوكيل المساعد لوزارة الكهرباء والماء المهندس أحمد الجسار من أن عدداً من النواب طلبوا من مديرين في الوزارة ترسية مناقصة تطوير «محطة الصبية» على شركاتهم، لكنه تحفظ عن ذكر الأسماء في وسائل الإعلام، مبديا استعداده التام لوضعها في تصرف مراجع حكومية عليا!

ولا أدري ما حكاية عشق مسؤولي وزارة الكهرباء والماء للألغاز ولألعاب التخفي! يرفضون كشف أسماء النواب في وسائل الإعلام، بالرغم من أن هؤلاء النواب من المتجاوزين، ويزيدون بأنهم لن يفشوا هذا السر إلا لمراجع عليا دون أن يحددوا من يقصدون بذلك، ومسؤولهم الذي يصرح بهذا الكلام الساكت، كما يقول السودانيون، يرفض الكشف عن اسمه، ويكتفي بالتصريح من وراء حجاب! ألغاز في ألغاز وظلمات فوق ظلمات! هل الأمر يا ترى قلة شجاعة؟ أم أنها قلة «حقيقة»!

أظرف، بل سأقول أغبى ما في المسألة أن هذا المسؤول الكهربائي المختبئ وراء الستار، والذي يرفض كشف أسماء النواب الفاسدين إلا للمراجع «اللي فوق»، طالب هؤلاء النواب المتدخلين في المناقصة بالتحلي بالشجاعة وإعلان أسمائهم حتى لا يظلوا مختبئين وراء ردة الفعل النيابية الغاضبة، وحتى لا يؤخذ الكل بجريرة البعض! وهذا كلام ليس ساكتا فحسب، بل هو (مختل التردد معتل التيار ومنقطع المعنى)، مما يجعلني أتصور أن من أصدره قد لا يكون بشرا سويا يكلم الناس، وإنما مولد كهربائي عطلان من تلك التي تزخر بها باحات وزارة الكهرباء والماء!

يا أخا الكهرباء والماء، يا مولانا يا من تدعو هؤلاء النواب إلى التحلي بالشجاعة والكشف عن أسمائهم، «أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم»؟! أليس الأجدر أن تبدأ بنفسك فتمتلك الشجاعة للكشف عن نفسك، خصوصا أنك في موقع القوة بينما هم في موقع الضعف؟! أم أن أصل الحكاية أنه لا نواب ولا من «يتدخلون»؟!

أخونا المسؤول الكهربائي، الذي أطلق تصريحه «الخطير» هذا والذي اقتضى منه ألا يكشف عن هويته، انبرى أيضا للدفاع عن وكيل الوزارة المهندس أحمد الجسار، فقال عنه إنه يعمل في ضوء النهار وبكل شفافية وبجهد متواصل لخدمة المصلحة العامة، وأنا لا أعرف الأخ المهندس الجسار، وليس عندي شك بكونه يعمل فعلا بكل شفافية وبجهد متواصل لا ينقطع كانقطاع التيار الكهربائي باستمرار عن كثير من مناطق الكويت في فترة الصيف، فهذه وظيفته التي يتقاضى راتبه لأجلها وليس في الأمر منة، لذلك كلي أمل أن تتجلى شفافيته من خلال الكشف عن أسماء النواب المتدخلين في «مشروع الصبية» دون الخوف من أي حسابات غير فنية، وحينها سأكون أول القائلين بأنه يعمل في ضوء النهار بكل شجاعة واقتدار، وكذلك أتمنى أن تنتقل شفافيته التي يتحلى بها إلى زملائه مسؤولي وزارة الكهرباء والماء وأن يسطع ضوء النهار عليهم، فيتحلون بالشجاعة ويكشفون عن أسمائهم عند إطلاق مثل هذه التصريحات «اللي فيوزاتها ضاربة» على صفحات الجرائد!