الكثير من الحراك والحيوية المترافقة مع روح النكتة والمرح، وكذلك من الكتابات المبدعة والمبتكرة أثارهما منتظر الزيدي من خلال رشقه رئيس أكبر دولة في العالم بفردتي حذائه، ما يجعل أي ناشط سياسي أو كاتب متخصص يتوقف عند هذه الواقعة ملياً ولوقت طويل!

Ad

لماذا برأيكم؟!

برأيي المتواضع للأسباب التالية:

أولا: أن الرامي للحذاء عراقي، والعراقي له قصة طويلة مع الحذاء، ونظرته إليه ليس كنظرة أي امرئ آخر إليه، إذ إن أكبر إهانة يمكن أن يوجهها عراقي لأحد هي أن يقول له: «يا ابن القندرة» يا ابن الحذاء، فكيف إذا رماه به، فهي إرادة عالية جداً لكسر أنفة وكبرياء وشرف الطرف الآخر!

ثانيا: أن الذي رُمي به هو رئيس أكبر دولة في العالم، والذي أوحى حتى قبل طيران الحذاء بأنه يجلس، بكل عظمة القوة المادية المعروفة لدى دولته، على قمة هرم السلطة وعرش الاقتدار العالميين!

ثالثا: لقد كانت الزيارة للذي رُمي عليه الحذاء هي الوداعية الأخيرة إلى العراق في إطار تكريس تلك الزعامة، وتتويجها بروح من الأنفة العالية، رغم انكساراتها المتعددة والواضحة في العراق وغيره، من خلال التوقيع على اتفاق أمني مثير للجدل، أقل ما يقال عنه بأنه مثار انزعاج عراقي نفسي وروحي، إذ يقول أشد المدافعين عنه بأنه «خيار إجباري لم نكن بقادرين على أحسن منه وإلا لرفضناه»!

رابعا: لأنه كان «السلاح» المفاجأة بل المفاجأة الكبرى، فلا أحد على الإطلاق كان يتوقع أن يلجأ أحد من الغاضبين أو المعارضين أو المستائين إلى مثل هذا الخيار!

خامساً: إن الرامي هو صحافي وكاتب اعتاد الناس عليه أن يرمي خصمه، إن كان يريد رميه بشيء، باللسان أو القلم أو بحركة من الحركات الجسمية ذات الدلالات الإشارية المعبرة عن الانزعاج أو عدم الرضا أو الاستنكار، وليس برمي الحذاء بالتأكيد!

سادسا: أن الرامي كان رابط الجأش وصاحب تصميم وإصرار، وذا مهارة مبدعة في رمي الحذاء، ما أوحى بالانطباع وكأنه تدرب على العملية لمدة ست سنوات كاملة، هي عمر احتلال بلاده. أراد أن يختزل كل معاناتها بـ«صلية» أو صليتين من حذائه، فيلخص تاريخ ما لم يكن تلخيصه ممكناً برأيه إلا بهذه الحركة المختزنة لكل تلك المعاني والدلالات!

سابعا: وأخيراً وليس آخراً لأن العملية حصلت على الهواء مباشرة، الأمر الذي لم يكن بإمكان أحد تفادي مفاعيلها لو اجتمع الكون كله.

لهذه الأسباب بشكل رئيسي وربما نستطيع أن نكتشف غيرها أيضا، كان لابد للحدث أن يصبح عالميا، وبالتالي لم يعد أي مجال لتفسير أو تأويل أو تحليل أو تحوير أو «اعتذار» أو «طلب الصفح» الذي يحاول البعض أن ينسبه إلى الفاعل منتظر الزيدي، ويروج لذلك إعلاميا، في محاولة منه لإيجاد صيغة للتخلص من عبء تداعيات مثل هذا الحدث عليه، ومقدمة لإطلاق سراح من أصبح رمزاً كونياً لا يمكن اتخاذ أي إجراء مقبول تجاهه، سوى إطلاق سراحه «وبس» إذا أراد أن يُبقي على شيء من الاحترام لنفسه!

وإذا كان محرجاً فليفعلها بكل هدوء وبعيداً عن المناكفات والتصريحات والتصريحات المضادة، لأن العالم كله والصديق قبل الخصم سيحرجه أكثر فأكثر إن هو اختار سبيلا غير الذي أشرنا عليه باتباعه! وإذا ما اختار غير ذلك فسيكون هو من ينبغي عليه الاعتذار للرأي العام طوعاً أو جبراً!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني