إنسان بمعنى الكلمة (2-2)
أمضى الزعيم الروحي للهند «المهاتما غاندي» حياته كلها، وهو يدعو إلى نشر سياسة التسامح بين كل الشعوب والأديان والعقائد، وقاد المقاومة السلمية ضد المحتلين الإنكليز لأكثر من خمسين عاما، وفي سنواته الأخيرة، كرس وقته وجهده للدفاع عن حقوق الأقلية المسلمة، وتألم كثيراً لانفصال باكستان عن الهند، وحزن لأعمال العنف التي شهدتها كشمير، مكرراً دعوته للهندوس إلى احترام حقوق المسلمين، وهو الأمر الذي أثار حفيظة بعض المتعصبين منهم، فأطلق عليه أحدهم رصاصات غادرة أودت بحياته في الحال.وقد اخترت لكم من كتاب «السياسي القديس» لأديب مصلح، وكتاب «تجاربي مع الحقيقة» لغاندي، بعضا من كلماته وآرائه التي تستحق التأمل والتفكر:
«إن كان المستعمر متوحشاً وفاقداً للأخلاق، فعلينا ألا ننجرف وننافسه في توحشه، دعونا نثبت للعالم أننا أصحاب حضارة وأخلاقيات أرقى».«أينما يوجد الحب توجد الحياة». «إن الغضب وقلة الاحتمال هما أعداء الفهم الصواب».«أنا مستعد لأن أموت، ولكن ليس هناك أي داع لأن أكون مستعدا للقتل».«إن أي جريمة أو إصابة ارتكبت، فسببت الألم لشخص آخر، هي جريمة ضد الإنسانية».«إن الإيمان لم يوجد لكي نتكلم عنه، بل لكي نحياه، فحينئذ سينتشر تلقائياً».«أنا لم أرَ الله، لكنني تبنيت إيمان العالم به، فهذا الإيمان له جذور راسخة تجعله يبلغ في نظري من اليقين، مثل ما تفعله تجربة مباشرة».«لو تحققت جميع أحلامنا لهامت الحياة في عالم من الأشباح ولسادت الأرض فوضى مطلقة».«بوسعكَ ذر الغبار في وجه الشمس، لكن ذلك لن ينال أبداً من تألقها». «لو امتلكنا قسطاً ضئيلا من الإيمان، لرأينا الله وحبه يحيطان بنا من كل صوب».«لا يخامرني أدنى ريب، أن الصلاة وسيلة ذات جدوى لتطهير القلب من الأهواء، شريطة أن تقترن بقدرٍ جم من التواضع».«بفضل الصلاة، ودأب طويل متصل عالجت به ذاتي، ماعدت أبغض أحداً إطلاقاً». «الصلاة التي لا تنبع من قلب محب ما هي إلا نحاسٌ يرن أو صنج ٌ يطن».«أنا لا أريد أن يحاط منزلي بجدار من كل ناحية وأن تكون نوافذي مسدودة، أريد أن تكون ثقافات كل البلدان منتشرة حول منزلي بحرية، لكني أرفض أن أنسف من قبل أي منها».«يعيش الإنسان بحرية فقط حين يكون مستعدا للموت إن لزم الأمر على أيدي أخيه، وليس أبدا بقتله إياه».«إن حرمان إنسان من حريته الطبيعية، هو أسوأ من تجويع الجسد، لأنه تجويع للروح القاطنة في ذلك الجسد».«يمكنك أن تقيدني، يمكنك أن تعذبني، يمكنك حتى أن تقوم بتدمير هذا الجسد، ولكنك لن تنجح أبدا في احتجاز ذهني».كان غاندي عظيما في مواقفه، وفي خلقه، وفي تسامحه، كما كان عظيما في فهمه واستيعابه لمعني الحياة الإنسانية، ولمعني الإيمان، والتسامح، والتعايش، وقبول الآخر، ونبذ التطرف والتعصب.ترى، كم «غاندياً» نحتاج اليوم في عالمنا العربي والإسلامي، الذي يموج بثقافة التشدد، والتزمت، والعنف، وكراهية الآخر، والحجر على الأفكار والآراء؟!لن أكون مبالغا، إن قلت إننا بحاجة لواحد مثله في كل بيت، وشارع، ومدرسة، ومسجد، وحكومة، وبرلمان، بل في قلب كل واحد منا!هذا إن أردنا أن نكون بشرا حقاً، بشرا كغاندي وغيره من العظماء، الذين أدركوا أن للإنسانية أخلاقها وقيمها ومثلها الجميلة والرائعة، متى ما امتلأت القلوب بحب الخير والتسامح مع الآخر وقبول اختلافه في الفكر والدين والعرق والمذهب.