تدهور مستوى التعليم في بلدنا تدهوراً مخيفا خلال العقود الأربعة الماضية رغم المبالغ المالية الهائلة التي تصرف عليه ورغم الجهود المخلصة والجبارة التي يبذلها التربويون ورغم الدراسات المتخصصة التي أجريت من أجل تطويره، وها نحن نرى مخرجاته الضعيفة على المستويات كافة. فما السبب يا ترى؟

Ad

ما من شك أن التعليم يأتي على رأس قائمة الأولويات لأن توعية وتنمية القوى البشرية وتطوير معارفها هي الوسيلة الأساسية للتنمية الشاملة الحقيقية، فالإنسان هو هدف التنمية وهو وسيلتها أيضاً. لذا فدائماً ما نلاحظ أن برامج الأحزاب والقوى السياسية في الدول الديمقراطية المتقدمة تركز على موضوع تطوير التعليم حيث يطرح كل منها وجهة نظره في واقع ومستقبل التعليم ضمن الرؤى والتوجهات المختلفة لهذه التنظيمات السياسية.

ويحتل موضوع التعليم أهمية قصوى جداً في بلدنا لأن اقتصادنا معتمد على مورد وحيد قابل للنضوب هو النفط مما يعني أنه ليس لدينا غير الموارد البشرية التي إن أُحسن تعليمها وتطويرها، فإنها ستكون رافعة صلبة لعملية التنمية المستدامة.

وحيث إن بلدنا بلد نفطي غني فإنه يمكن أن يُستفاد من الموارد المالية الضخمة في تطوير التعليم، ولكن هل الأموال وحدها كافية لخلق تعليم نوعي متطور؟ أم أنه لابد من وجود رؤية واضحة لمستقبل الدولة توضع لها البرامج التعليمية التي ترتبط بها وتخدمها؟ وهل يمكن تطوير التعليم في ظل وضع سياسي غير مستقر؟

لقد تدهور مستوى التعليم في بلدنا تدهوراً مخيفا خلال العقود الأربعة الماضية رغم المبالغ المالية الهائلة التي تصرف عليه ورغم الجهود المخلصة والجبارة التي يبذلها التربويون ورغم الدراسات المتخصصة والمؤتمرات الوطنية والندوات والحلقات النقاشية الكثيرة التي عقدت من أجل تطويره، وها نحن نرى مخرجاته الضعيفة على المستويات كافة. فما السبب يا ترى؟

إن السبب يكمن في أن النظام التعليمي في أي بلد هو انعكاس طبيعي لمستوى التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي لهذا البلد، فنجد مثلا أن التعليم يكون دائماً متطوراً في البلدان المتقدمة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وأن نسب التفوق والتميز والإبداع تكون عالية في البلدان التي يتوافر فيها سقف عال من الحريات العامة والعكس صحيح.

لهذا، فإنه من المستحيل أن نجد تعليماً نوعياً متطوراً في الدول الاستبدادية أو ذات الحكم الفردي ووجهة النظر الواحدة، بل على العكس فإنه كلَّما قلت درجة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار انخفضت درجة تطور التعليم وارتفعت معدلات رداءته.

إذن... فبرغم أن التعليم يعتبر أولوية وطنية، فإنه يجب أن يرتبط بعملية إصلاح سياسي شامل، لأنه من دون وجود نظام سياسي ديمقراطي دستوري متطور، فإن التعليم سيبقى متخلفاً مهماً بلغت ضخامة المبالغ التي تصرف عليه ومهما كانت معدلات الجهود المخلصة التي تبذل فيه أو مقدار الوقت الضائع الذي يهدر عليه.

من هنا، فإننا نأمل أن يعي المرشحون الوطنيون الذين يطرحون إصلاح التعليم وتطويره أنه لن يكون هناك تعليم متطور ذو جودة عالية ما لم يكن ذلك انعكاساً لعملية إصلاح سياسي شامل تتولاه حكومة تمتلك رؤية واضحة ومشروعا وطنيا طموحا لمستقبل الكويت كدولة دستورية ديمقراطية عصرية يتم ترجمتهما على شكل خطط تنموية قابلة للتطبيق.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء