كان الغرب ينتظرون الإشارة فقط ليثبتوا للعالم أنهم من طلائع «المعايير المزدوجة» فكل شيء في الغرب يتوقف عند بوابات هذا الكيان العنصري البغيض الذي زرعه المنتصرون في الحرب العالمية الثانية في قلب وطننا العربي وعالمنا الإسلامي.

Ad

انسحبوا زرافات ووحدانا حتى قبل أن ينهي خطابه الذي لم يكن سوى تبيان حال ووصف شفاف للحقيقة كما هي، لكنهم يكذبون كعادتهم ويخادعون الرأي العام، ولا يجرؤون على مواجهة الخصم إلا من وراء جدر!

ولذلك قاطع من قاطع وانسحب من انسحب من تجار الرقيق من «مؤتمر دوربان 2» لمكافحة العنصرية، مثبتين بذلك أن الأنانية والعنصرية ومعاداة السامية متأصلة في طبيعتهم، فلم ينتظروا أحمدي نجاد لينهي خطابه لأن ذلك كان كفيلا بفضح ما في مكنوناتهم من ميل للاستمرار في الحرب على مصادر الطاقة ومنابع الثروة في البر والجو والبحر.

وما يجري الآن عند باب المندب وخليج عدن تحت عنوان القرصنة ليس في الواقع سوى استمرار لهذه المعركة المفتوحة منذ نحو 60 عاما على الأقل من أجل السيطرة على مقدرات هذه الأمة بعناوين متفاوتة، فيما الهدف المركزي واحد وهو تمكين هذا الكيان المصطنع من البقاء مزروعا فوق أرض العرب والمسلمين. «إن مفاتيح البحر الأبيض سقطت في البحر الأحمر، فالفوز لمن ظفر بها». هذا الكلام قاله أحد جنرالات الحروب القديمة في الأزمان السالفة وأظنه السنيور مازيني، لكنه مع ذلك لايزال صالحا على ما يبدو في أيامنا هذه، خصوصاً ونحن نتابع الحروب الاستخبارية والإعلامية والدعائية واللوجستية بين أطراف إقليمية ودولية متعددة الاتجاهات في هذا البحر المتلاطم. فالكيان الصهيوني يحاول منذ مدة تحصيل قواعد بحرية وأرضية ثابتة ومتنقلة إضافية له في البحر الأحمر أو مطلة عليه، سواء من خلال تعزيز علاقاته السابقة مع الأطراف التي تربطه معها علاقات دبلوماسية إضافة إلى معاهدة سلام استراتيجية مثل جمهورية مصر العربية أصلا، أو من خلال القفز نحو علاقات مستجدة مع دول ليس له معها روابط دبلوماسية رسمية مثل أريتريا.

من جهتها فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي لم تخفِ منذ اللحظة الأولى علاقاتها المتينة مع السودان الإسلامي الجديد فإنها تحاول منذ مدة استقطاب أريتريا إلى جانبها بالإضافة إلى جمهورية جزر القمر التي تخرج رئيس جمهوريتها من بلدة قم المقدسة، حيث كان يدرس طالبا في العلوم الحوزوية الدينية قبل أن يتم انتخابه رئيسا لبلاده في الآونة الأخيرة.

وبين هذين القطبين الإقليميين المتضادين ثمة دول وقوى فاعلة في المنطقة وفي العالم حاولت ولاتزال أن يكون لها موطئ قدم على شواطئ البحر الأحمر، أو نفوذ يتناسب مع أهمية الصراع المتنامي على هذه المنطقة التي أخذت تتصاعد أهميتها الاستراتيجية من جديد كلما تصاعدت حدة الصراع العربي الإسرائيلي، وتحديدا بين الكيان الصهيوني من جهة وقوى المقاومة الفلسطينية واللبنانية من جهة أخرى. وقد جاءت معركة السيطرة على القرار وهوية الصومال الممزق لتفتح الباب واسعا أمام القوى الغربية لتتصيد في الماء العكر لمصلحة الدفاع عن ربيبتها المدللة إسرائيل.

بين اتفاق كوندوليزا رايس وتسيبي ليفني في نهاية عدوان الـ22 يوما على قطاع غزة، والذي سمي وقتها باتفاق منع تهريب السلاح والدعم اللوجيستي لشعب فلسطين عبر بوابة رفح المصرية الفلسطينية، وبين الحرب الدعائية والإعلامية المفتوحة بين النظام المصري على كل من «حزب الله» و«حماس» والإخوان المسلمين حول ما اصطلح على تسميته بخلية سامي شهاب، ثمة خيط رفيع قد يفضح للمتتبعين حقيقة بعض ما سمي وقتها بالبنود السرية التي أوكلت لبعض الأطراف الإقليمية من أجل تجفيف منابع الدعم اللوجيستي لـ«حماس» وقوى المقاومة الفلسطينية وإنهاء ظاهرة الإنفاق بشكل نهائي وإلى الأبد. لكن هذا البعد من القضية هو ليس كل البانوراما المحيطة بملف ما بات يعرف بخلية سامي شهاب، ذلك أن الأميركيين والإسرائيليين الذين خسروا كل معارك الجو واليابسة في حربي تموز/يوليو من العام 2006 وكانون/يناير من العام 2009 قرروا على ما يبدو اللجوء إلى حروب أعالي البحار والمحيطات عبر «فزاعة» القراصنة الصوماليين الذين نشر أكثر من تقرير غربي بأنهم حصيلة حرب تجويع ونهب منظمين من جانب المجتمع الغربي ضد الصومال من جهة، ومن جهة أخرى حصيلة تشجيع وإغراء وتطميع باتجاه مزيد من أعمال القرصنة حتى تتوافر الأرضية اللازمة لاستقدام الأساطيل الغربية إلى باب المندب وخليج عدن بهدف إحكام القبضة على هذا الممر الحيوي والخطير منعا من استخدامه لأي دعم لوجيستي مستجد للمقاومة العربية الشريفة، واستماتة في الدفاع عن الكيان المدلل المسمى إسرائيل.

من هنا فإن المراقبين يربطون قويا بين الضربتين الجويتين اللتين وجههما الكيان الصهيوني ضد السودان من جهة وبين الحرب على القراصنة الصوماليين من جهة ثانية وبين ما بات يطلق عليه في الأوساط المطلعة بمسرحية خلية سامي شهاب أو خلية «حزب الله» التي أكدت الوقائع أنها كانت ورقة احتياط موضوعة على الأجندة الإقليمية والدولية بأحد أطراف حلف كوندوليزا–ليفني الأمني لهذه اللحظة، لأن الرجل قد تم اعتقاله أصلا قبل بدء العدوان الصهيوني على غزة.

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء