لماذا يلحد الشباب؟

نشر في 08-07-2008
آخر تحديث 08-07-2008 | 00:00
 إيمان علي البداح المتابع للنقاشات الشبابية والمدونات والمنتديات الإلكترونية يلاحظ ارتفاع وتيرة التفكير أو الدعوة إلى الإلحاد في الوطن العربي بشكل عام والكويت ليست استثناءً، والغريب أن الإلحاد في نظر هؤلاء الشباب لم يعد مجرد قناعة شخصية، وإنما يصور كفكر قائم بذاته قادر على انتشال الأمة من الجهل والتخلف والتردي الواضح على المستويات كلها، والأغرب أنه في أوج انتشار الفكر الاشتراكي والشيوعي في الوطن العربي في القرن الماضي لم تصل الدعوات إلى إنكار «الخالق»، وإنما اكتفت وقتها بمحاربة الأديان بصفتها «أفيون الشعوب»، وهذه الموجة بانتشارها وتطرفها تستدعي الدراسة والبحث لما لها من دلالات كثيرة.

فبعد بروز الاتحاد السوفييتي كقوة عظمى في أوائل القرن الماضي تبنّت الكثير من التنظيمات العربية الفكر الشيوعي والاشتراكي كحل يضمن المساواة والعدالة والحرية بمفهومها الأممي، ولم تأتِ تلك الجماعات في ذلك الوقت كرد فعل للإسلام أو الجماعات الإسلامية التي لم تشكل «منافسة» حينئذ وإنما جاءت كبديل للفكر الرأسمالي والاستعمار الغربي لمعظم الوطن العربي، لذا لم يكن من الغريب رؤية الكثير من «الاشتراكيين» يؤدون الصلاة ويشاركون في الشعائر الدينية من دون تحفظ أو شعور بالتناقض، وقلّما تجد في التراث الاشتراكي العربي جدلاً بشأن وجود الخالق أو دعوة إلى الإلحاد لمجرد الإلحاد رغم الأدبيات المكثفة التي تهاجم المؤسسة الدينية وتحالفها مع السلطة على حساب استقلال الوطن وحقوق المواطن.

أما الآن رغم اضمحلال التيارات الاشتراكية والشيوعية وانتشار وتمركز التيارات والقوى المـتأسلمة، نجد تطرفاً في الاتجاه المعاكس تماماً، وهو في الواقع رد فعل طبيعي لفكر وأداء الإسلام السياسي، فهؤلاء الشباب قد ترعرعوا في مجتمعات لم يروا فيها غريباً أو مستعمراً ومع ذلك مازالت تعاني تخلفاً وفساداً أسوأ من أيام الاستعمار، لم يروا حرساً وجنوداً أجانب ومع ذلك لم يذوقوا طعم الحرية، ورغم حصولهم على وثائق المواطنة في وطن «مستقل» وذي «دستور» لم يشعروا بالمساواة أو العدل.

وعندما يحاول الشباب تغيير الواقع يتصادمون مع المتأسلمين الذين يمارسون دور الكنيسة نفسه في القرون الوسطى. فيجدون مَنْ يعتقد أنه منزه لمجرد ارتدائه العمامة، ومَنْ يفرض أفكاره على الكل لأنه «الآمر بأمر ربه»، ومَن يعطي نفسه حق تكفيرهم وربما مقاضاتهم لاحتكاره لفهم الإسلام وتعاليم رب العالمين.

يعي الشباب تناقض منهج التربية الإسلامية مع العلم والمنطق، ويرون تضارب أمثلة التاريخ السمحاء مع أفعال وكلام المتأسلمين، ويسمعون الدعوة إلى الكره والقتل والانتحار باسم الإله، ويشعرون بالحقد الدفين الذي يحمله المتأسلمون تجاههم رغم أنهم أعظم خُلقاً وإنسانية من أغلبهم... فكيف لا يكفرون؟

إن حملة راية الإسلام هم مَن دفعوا بهؤلاء إلى الإلحاد، فبخلط هؤلاء الدين بالسياسة جعلوه مستهدفاً وحمّلوه آثام أعمالهم وأفكارهم التي لا تَمُتُّ للدين بصلة، وذنوب هؤلاء الشباب برقابهم، فهل يعون؟

back to top