في السياسة لا صديق دائما ولا عدو أبديا، فصاحب الأمس قد يكون خصم اليوم، والعكس صحيح، هكذا علمتنا التجارب، وهكذا كانت علاقة كتلة العمل الشعبي والحركة الدستورية خلال العامين الماضيين، استجابة لهذه القاعدة السياسية.

Ad

بعد إعلان نتائج الانتخابات الماضية جرى تنسيق أقرب إلى التحالف الضمني بين الشعبي ونواب «حدس»، تبلور في انتخابات الرئاسة عندما صوتت «الدستورية» للسعدون، لكنه تحالف كان من الهشاشة بمكان، إذ انفرط عند أول خلاف، كون أجواء عدم الثقة في النوايا، هي السمة الغالبة عليه، بدليل أن التصويت للسعدون تطلب وجود كل نائب «حدسي» بجوار آخر من «الشعبي».

انفراط عقد التقارب بين الطرفين بدأ منذ أن وضع الشعبي «بلوك» على إعادة توزير إسماعيل الشطي، ليحدث الطلاق البائن بينهما في أثناء استجواب الشيخ على الجراح، ولتبدأ بعدها حرب التصريحات مدعومة بتناقض المواقف من كل قضية بما فيها القروض واستجواب نورية الصبيح، حتى لو أن بعض أعضاء «الشعبي» اتخذ الموقف نفسه الذي وقفته «حدس» من القضيتين، أو العكس.

اليوم ومع احتدام شدة المنافسة للوصول إلى كراسي البرلمان، باتت المواجهة مفتوحة ومباشرة بين «الشعبي» و«حدس» في الدائرة الرابعة تحديداً، كون مواقف نواب ومرشحي الطرفين في هذه الدائرة، جاءت متناقضة بشأن القضايا السابقة، وهو ما جعل الدائرة، وتحديداً منطقة الجهراء، ساحة للمنازلة السياسية التي بدأها المرشح خضير العنزي في ندوته الأخيرة باتهامه «الشعبي» بالوقوف خلف إسقاط قانون فوائد الديون، وأكمل فصولها محمد البصيري بالاتهام نفسه، ليرد الناطق الرسمي للتكتل الشعبي مسلم البراك في ندوة الأحد الماضي على نواب «حدس» وفي عقر دارهم «الجهراء».

خلال السجالات بين المعسكرين بدا واضحاً أن هناك معركة «تكسير عظام» بين «الشعبي» و«حدس» ستدور رحاها في الدائرة الرابعة، خصوصاً على صعيد أصوات ناخبي الجهراء بالذات- معقل «حدس» في الدائرة- وهي المعركة التي ستكون موازين القوى فيها متساوية في كل شيء إلا في سلاح واحد، هو سلاح المال والتمويل، الذي تتميز به «حدس» التي ملأت المحطات التلفزيونية والصحف بإعلانات مرشحيها، في وقت يصعب فيه أن نرى إعلاناً لمرشحي «الشعبي» في تلك الدائرة.

لـ«الشعبي» في الرابعة نائبان سابقان لم يدخلا الفرعية أو التشاورية لقبيلتيهما- البراك والخليفة- وهو الوضع نفسه لمرشحي «حدس» النائبين السابقين خضير والبصيري، بينما أحمد الشريعان «الشعبي» ومحمد دهيم «حدس» من قبيلة واحدة وترشحا على أساس تشاورية قبيلة الظفير، أي أن المعطيات السياسية كافة متساوية لدى الفريقين، من دون إغفال أن مسلم البرك رفض رفضاً صريحاً دخول التشاورية التي أجرتها قبيلته، وهو ما يجب أن يؤخذ في الاعتبار، كون العملية الانتخابية في النهاية لغة أرقام، لاسيما أن هذه الدائرة يغلب عليها الطابع القبلي.

على أي حال، ليتغنَّ كل مرشح هناك بمواقف كتلته أو تياره، وليهاجم كل فريق الآخر، فهذه طبيعة الانتحابات واللعب بأوراقها، لكننا سننتظر إلى صبيحة الثامن عشر من الشهر لنرى، ويرى أهل الكويت كافة، لمَن تكون الغلبة؟ للموقف والقناعات الثابتة؟ أم للمال وضخه في الحملات الإعلامية؟