الرقص والجميل والمقدس (2)
في الجزء الأول من هذه المقالة تطرقت إلى نجمين في سماء الكويت، وآخر إبداعاتهما وهما الأديبة ميس العثمان وروايتها الأخيرة «عقيدة رقص»، والكاتب عقيل العيدان وبحثه المميز «الجميل والمقدس» الذي أقترح إضافته إلى مناهج اللغة العربية والتربية الإسلامية للمرحلة الثانوية، وهما مثالان على مواهب شباب الكويت التي تطل علينا بين الحين والآخر مثلما تطل براعم الأزهار من تحت الثلوج لتبشرنا بربيع جميل وغدٍ أكثر إشراقا. نجم آخر هو الفنان يوسف خليفة الذي حاز أخيرا جائزة ليلى العثمان للإبداع لمجموعته القصصية «أفكار عارية» التي عانت غباء وتخلف الرقابة من دون عذر مقبول، وهو قد أبدع في كتابة القصص القصيرة جدا «أو الميكرو- قصة» التي لا تزيد الواحدة منها على عدة أسطر، وهذا ما يتطلب ابتكاراً وخيالاً واسعين ممزوجين بموسوعة كبيرة من المفردات لتقديم فكرة متكاملة ومثيرة بهذا القالب الموجز.
حسن رمضان موهبة أخرى لم تأخذ حقها بعد تحت الأضواء، ولعل هذا- بالإضافة إلى أسباب كثيرة أخرى- بسبب تواضعه الشخصي واستمراره حتى أخيرا في الكتابة والعطاء تحت اسم رمزي، فهو «فرناس» فيلسوف المدونات وعميد الشبكة الليبرالية الكويتية القديمة، والآن أصدر أهم دراساته/ مقالاته في كتاب «السلفية والعلمانية»، حيث أضاف مقالتين في «نقد الفكر السياسي السلفي» و«أصول فكرة المهدي». والكتاب إضافة قيمة للمكتبة العربية، ففي مقالات حسن رمضان خلاصات للعديد من الكتب والمقالات التي كتبت في العلمانية والليبرالية وإشكالاتها مع الدين، فالكتاب رد هادئ ومنطقي على من يسعى إلى خلط الأوراق والمصطلحات والمفاهيم، فهو يبحث في العلمانية ومدى تناقضها أو تطابقها مع صحيح الحديث وممارسات السلف الصالح، كما يتطرق للخلط القائم بين الشورى والديمقراطية، والعلمانية والإلحاد، والليبرالية والتفسخ الأخلاقي وغيرها من المغالطات التي خلقها وعززها المتأسلمون لأغراض واضحة وتمر على القارئ العادي دون تمحيص أو تشكيك.وقد تكون هذه القضايا مستهلكة بالنسبة للمهتمين ولكن الجديد هو أسلوب ومنطلقات نقاش هذه القضايا وهو ما يميز هذا الكتاب، فهو من الكتب القليلة التي استخدمت مراجع أولية من صلب الفكر الإسلامي (مثل صحيح مسلم، البخاري، ابن تيمية، ابن الجوزي، الطبري، القرطبي، ابن كثير، وآخرين مثل بن باز وبن عثيمين) سواء لإثبات نظرية، كالممارسات العلمانية للصحابة، أو لدحض أخرى كأوهام اليوتوبيا الإسلامية. جميل أن نرى النجوم في خضم الضياع والفوضى، وأن تظهر البدور في الليالي الظلماء والمرعبة، وسيكون من الأجمل لو رأينا من يتبنى أولئك النجوم ويرعاهم، أو على الأقل من يعطيهم الحرية والثقة لطباعة ونشر إنتاجاتهم في الكويت!