إنهم يمنيون بلا أدنى شك، دماؤهم يمنية وملامحهم يمنية وخفة ظلهم يمنية، والذي دفعهم الى مغادرة وطنهم، الذي عاش أجدادهم فيه، منذ حادثة الاخدود، «... قُتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إذْ هم عليها قعود»، وقبل ذلك هو الشيء ذاته الذي دفع من سبقهم الى الهجرة الى إسرائيل وهو الجهل والتعصب وضيق الأفق، وربما أيضاً الانخراط في مؤامرة لحساب الحركة الصهيونية وحساب الاستخبارات الإسرائيلية.
عندما سئل ربُّ هذه العائلة اليهودية اليمنية بعد وصوله مع زوجته وأولادهما السبعة الى إسرائيل بعملية سرية نفذتها القوات الخاصة الإسرائيلية، حسب «الشرق الأوسط» اللندنية، في التاسع عشر من فبراير الماضي عما إذا كان يمنياً قال: نحن بالطبع يمنيون... يمنيون يهود... نحن لسنا أبناء اليوم في اليمن... اليهود موجودون في هذا البلد الطيب منذ عشرات القرون نحن يمنيون منذ خراب البيت (هيكل سليمان) قبل أكثر من ألفي سنة. إنها حكاية تدمي القلوب... ويقول سعيد بن إسرائيل أيضاً إنه بعد ان اشتعلت الحرب على غزة كان جيرانه يقولون له أترى ما يفعله أهلك اليهود بالفلسطينيين: «لقد تم إلقاء قنبلة على ساحة بيتي وانفجرت تحت شباك غرفة الأطفال وبأعجوبة لم يُقتل أي من أولادي... بعدها حسمت أمري وقررت الهجرة... إنه لا شكوى عندنا من الحكومة اليمنية، إن مشكلتنا مع المتطرفين فقط... إنني لم أخطط للرحيل عن اليمن، ولكن عندما بدأت المضايقات ضدنا تسرب إليَّ الشعور بالهجرة». «عدوٌّ عاقل خير من صديق جاهل»، ويقيناً أن هذه الأعمال الطائشة، التي تُسجَّل على ذمة الإسلام العظيم السمح والمتسامح، والإسلام بريء منها ومن الذين يقومون بها، لا يمكن إلا ان توصف بالعمالة حتى وإن كان سببها الجهل والتقديرات الخاطئة فاستهداف يهود اليمن، الذي هذا هو وطنهم منذ ان بدأ التاريخ ومنذ ان كان سد مأرب ومملكة بلقيس، من قبل الحوثيين، حيث قتلوا قبل فترة رجل الدين اليهودي موشيه نهاري، يجب ان يواجه بأقصى درجات الحزم، ويجب ان يعتبر بمنزلة العمالة لإسرائيل والاستخبارات الإسرائيلية، كما ان المنتظر ألا تتساهل الحكومة اليمنية مع هذا الأمر، وأن تحاول استرداد مواطنيها هؤلاء بفتح حوار معهم وتقديم تعهدات بحمايتهم، وبأن تكون لهم حقوق اخوتهم اليمنيين في حال عودتهم. هنالك يهودٌ، ومنهم بعض اليهود العراقيين، مازالوا، حتى بعد مرور كل هذه الأعوام على إنشاء دولة إسرائيل التي هُجُّـروا إليها بطريقة تهجير هذه العائلة اليمنية وبالاسلوب ذاته، يقولون إنهم عربٌ عِرقاً وقومية وانتماء، وان اليهودية هي ديانتهم فقط على غرار وضع المسيحيين العرب، وحقيقة كان يجب ان يتم التعامل مع يهود المغرب واليمن والعراق ومصر وتونس والجزائر وسورية ولبنان على هذا الأساس، وكان يجب ألا تدفعهم الأعمال الطائشة والتعصب الأعمى الى شِباك الحركة الصهيونية. في سبعينيات القرن الماضي تبنى الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس (أبومازن) مبادرة لتفتح الدول العربية أمام عودة اليهود الذين كانوا هاجروا الى إسرائيل تحت ضغط الظروف الطارئة التي خلقتها الحركة الصهيونية، وساهم في خلقها الجهل والتصرفات الطائشة، ولكن النجاح لم يحالف تلك المبادرة للأسف الشديد والأسباب هنا متعددة وكثيرة. كاتب وسياسي أردني
مقالات
حكاية تدمي القلوب!
03-03-2009