إنه من المأمول أن تبادر مؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة بالرقابة على المال العام؛ بالقيام بحملة شعبية وإعلامية ضاغطة لوقف استنزاف المال العام لمصالح خاصة، حتى لو تطلب الأمر أن تقوم هذه الجمعيات بالكشف عن أسماء أعضاء السلطتين الذين سيستفيدون شخصياً من هذه المحفظة المليارية.

Ad

في أثناء الحملة الانتخابية البرلمانية التي جرت في شهر مايو من العام المنصرم قامت بعض مؤسسات المجتمع المدني، على ما أظن أن الاتحاد الوطني لطلبة الكويت كان من ضمنها، بحملة شعبية وإعلامية تدعو المرشحين إلى التوقيع على بيان كان ينشر بشكل شبه يومي في الصحف، يتعهدون بموجبه بأن يقوموا في حال نجاحهم بإقرار قانون كشف الذمة المالية أو ما يسمى قانون «من أين لك هذا؟».

وبغض النظر عن الطابع الدعائي لهذا العمل وضعف فعاليته العملية إلا أنه كان يمثل خطوة رمزية لا بأس بها، كان المؤمل أن تستمر، ويلحقها خطوات أخرى لتشكيل وسائل ضغط متعددة على الأعضاء حتى يقروا قانون كشف الذمة المالية الذي تتولى تنفيذه جمعية قضائية متخصصة.

فقد رأينا أن أغلب المرشحين وجدوها فرصة دعائية ذهبية ستدعم حملاتهم الإعلامية فبدأوا بنشر صورهم وتواقيعهم على مساحات كبيرة في الصحف، معتبرين ذلك جزءاً من حملاتهم الانتخابية، وما إن نجح بعض هؤلاء المرشحين حتى وجدناهم قد تناسوا موضوع الذمة المالية برمته.

فها نحن الآن نسمع الكثير من الحديث الذي بدأ الناس بتناقله من أن بعض أعضاء السلطتين لهم مصلحة ذاتية مباشرة في إقرار حزمة «الإنقاذ الاقتصادي» بالشكل الحالي، مما قد يكلف المال العام مليارات الدنانير التي من المحتمل أن يذهب جزء كبير منها إلى شركات ومؤسسات تجارية لم تساهم البتة في الاقتصاد الوطني، بل إنها جنت منذ إنشائها الكثير من الأرباح الخرافية، ثم ها هي تأتي الآن لتحمّل خسائرها أو لنقل انخفاض معدل أرباحها للمال العام على أمل أن تستعيد معدلات أرباحها العالية التي فقدتها، إما لسوء إدارتها وإما لقيامها بعمليات مضاربة غير محسوبة النتائج.

أمام هذا الوضع فإنه من المأمول أن تبادر مؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة بالرقابة على المال العام؛ مثل جمعية الشفافية الكويتية وجمعية حماية المال، بالقيام بحملة شعبية وإعلامية ضاغطة لوقف استنزاف المال العام لمصالح خاصة، حتى لو تطلب الأمر أن تقوم هذه الجمعيات بالكشف عن أسماء أعضاء السلطتين الذين سيستفيدون شخصياً من خلال شركاتهم ومؤسساتهم التجارية من هذه المحفظة المليارية، لأنه من المفروض ألا يكون هؤلاء طرفا في عملية اتخاذ القرار المتعلق بإقرار محفظة «الإنقاذ الاقتصادي»... وذلك لوجود تضارب في المصالح سيترتب عليه حتماً انحياز غير موضوعي في عملية اتخاذ القرار.

فهل يا ترى سنرى تحركاً سريعاً من قبل مؤسسات مجتمعنا المدني ذات الشأن قبل فوات الفوت لأنه عندئذ لن ينفع الصوت؟!