ظهور تجمع باسم «تجمع ثوابت الشيعة»، وهو تجمع من الواضح من اسمه أنه رد فعل مباشر على تجمع ثوابت الأمة الذي يرأسه النائب محمد هايف، ظهور هذا التجمع لم يكن مفاجئاً بالنسبة لي، لأن مواقف «ثوابت الأمة» الاستفزازية المتكررة بحق الشعائر الدينية للشيعة كانت لابد أن تستثير رد فعل مقابل. لا أعلم من يقف وراء «تجمع ثوابت الشيعة» الذي ظهر قبل أيام قليلة على إثر مطالبة «ثوابت الأمة» بترحيل الشيخ حسين الفهيد بنفس التهمة التي أصبحت مألوفة، ألا وهي «التعرض للصحابة»، وتأتي هذه المطالبة بعد أن نجحوا في إبعاد السيد الفالي قبل أقل من شهر، وأثاروا زوبعة كبرى وصلت إلى حد تقديم استجواب لرئيس الوزراء على خلفية موضوع دخول الفالي إلى البلاد، وضرورة إبعاده خلال 24 ساعة.

Ad

ظهور «ثوابت الشيعة» وإصدار بيانات صحفية رداً على «ثوابت الأمة» كان أمراً متوقعاً، لأن الدولة تخلت عن دورها في لجم تطرف «ثوابت الأمة» لفترة طويلة، حتى تمادى كثيراً وأصبح يحدد ما هو مقبول وما ليس بمقبول في المجتمع ككل ويحاول أن يفرض قناعاته على الدولة ككل.

الحكومة لم تكتف بغض النظر عن تصرفات «ثوابت الأمة»، بل أخذت بمداراته خوفاً من غضب ممثليه في مجلس الأمة بالاستجابة لمطالباتهم ورغباتهم، ورغم كل ذلك لم تنجح الحكومة في أن تثني ممثلي «ثوابت الأمة» من النواب عن تقديم استجواب رئيس الوزراء، وهو الاستجواب الذي أدى تالياً إلى استقالتها.

النهج الحكومي المنبطح أمام تطرف «ثوابت الأمة» وأشباهه هو الذي شجع شخصاً مثل مبارك البذالي على أن يعلن دولة الأمر بالمعروف والنهي بالمعروف الخاصة به في منطقة الصليبخات التي يقطن فيها، وهو نهج سوف يشجع آخرين من شاكلة البذالي لكي يطبق قناعاته بطريقته الخاصة.

في ظل تراخي الدولة عن التصدي لظاهرة التطرف الديني والقيام بدورها بحماية شعائر العبادة، وهو الدور الذي نص عليه الدستور، في ظل هذا التراخي والتردد فإن حالة الاحتقان الطائفي سوف تزداد وتتفاقم، وسوف يلجأ البعض من كلا الطرفين للتصدي بشكل مباشر للطرف الآخر، وعندها سوف تزداد التصريحات وربما الملصقات والأشرطة والخطب ذات النفس الطائفي، ولن يكون أمراً مستغرباً بعد ذلك أن يقوم متطرفون من «ثوابت الأمة» أو «ثوابت الشيعة» بردود فعل لا تُحمد عقباها.

هل تنتظر «الحكومة الرشيدة» حتى تقع الفأس بالرأس حتى تتحرك؟ أم أن المنطق والعقل يفرضان عليها أن تدرك أن من أولى أولوياتها المحافظة على السِّلْم الاجتماعي لكي تبادر إلى وأد جذور الفتنة بالضرب على يد من يريد أن يطبق فكره المتطرف على طريقته الخاصة؟!

***

تعليق: يفترض أن ترى الحكومة الجديدة النور بداية هذا الأسبوع، وإذا كنا نتمنى أن تكون الحكومة الجديدة أفضل من سابقاتها، فإن الخوف أن تكون عكس ذلك، بحيث ينطبق على الحكومة المثل الكويتي «هذا سيفوه وهذا خلاجينه».