لماذا يرفض التجمع السلفي تأييد مقترح الحقوق الإنسانية والمدنية للبدون، وهو مقترح إنساني مدني بحت ينبع من صميم الشريعة؟ ولماذا ترفض جمعية حقوق الإنسان التي يرأسها د. عادل الدمخي، والذي هو أيضا من الجماعة والجمعية نفسيهما، تأييد هذا المقترح ومساندة من يعملون على إقراره؟!
توقفت كثيرا عند الصورة التي نشرتها الزميلة «الراي» بالأمس على صفحتها الأولى للنائب خالد السلطان، وهو في مزرعته في الوفرة. عفوية أبو وليد في الصورة وهو يرتدي «الكاب» معكوسا وينهمك في تجهيز أرغفة الخبز لضيوفه الذين زاروه، حملت رسالة إنسانية معبرة عن كيف أن المناصب والمراتب مهما علت، والثراء مهما اتسعت مساحاته، يجب ألا تؤثر على بساطة بعض الناس وتواضعهم.هذه الصورة الإنسانية الجميلة التي رأيتها للنائب السلطان وتوقفت عندها لبرهة من الوقت، تلاشى بريقها وتهتكت ألوانها حين حلت محلها صورة ثانية للنائب السلطان وزملائه في التجمع السلفي وهم يرفضون التوقيع على مقترح مشروع الحقوق الإنسانية والمدنية للبدون الذي جرى عرضه على كل نواب مجلس الأمة منذ أيام ولم يحصل إلا على توقيع عشرين نائبا!قد يقول قائل، ولماذا تركت النواب كلهم الذين رفضوا التوقيع على المقترح، وتوجهت إلى نواب التجمع السلفي، وهو تساؤل به وجاهة، وإجابتي عنه كالتالي:منذ اللحظة الأولى التي بدأت فيها بالاهتمام بالشأن العام، والعمل السياسي، إن جاز التعبير، وأنا أقرب إلى التيار السلفي. بدأ الأمر منذ أيام النشاط الطلابي في الجامعة مرورا بالحركة السلفية، ثم «حزب الأمة» الذي وإن لم يكن حزبا دينيا سلفيا، فإنه قريب منهم باعتبار أن رموزه البارزة ترتبط فكريا بهذه المدرسة، انتهاء بهذه اللحظة التي ابتعدت فيها عن الشأن السياسي المرتبط بأي تيار تنظيميا، ولاأزال حتى اللحظة، وإن كنت قد أختلف مع الجماعات والتنظيمات السلفية في منهجية عملهم وأسلوبهم، إلا أنني أؤمن بأن الفكرة السلفية القائمة على الكتاب والسنة وإجماع الصحابة هي الفكرة الدينية الأصح، والتي لا أظن أن أحدا يختلف معي عليها.لذلك فحين أجد أن جماعة سلفية، كالتجمع السلفي، ورموزه المعروفة مثل النائب الفاضل خالد السلطان، ترفض التوقيع على مقترح إنساني مدني بحت، بعيد كل البعد عن مسألة منح الجنسية والتي تسبب إشكالا عند البعض، أي أنه مقترح مرتبط بأبسط المبادئ الشرعية المستقاة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة، أقول حين أجد هذا فإنني أحتار وأستغرب كثيرا من هذا التناقض الصارخ بل والمرعب بين ما كنا ولانزال نسمعه يرفع من شعارات دينية، وما يحصل على أرض الواقع!ليس مرادي انتقاد التجمع السلفي، ولا أريد أن أدخل في هذه المعمعة التي لا داعي لها، وإنما هو مجرد تساؤل أطرحه على النائب خالد السلطان، وزملائه النواب في التجمع السلفي النواب عبد اللطيف العميري وعلي العمير ومحمد الكندري، تساؤل أتمنى أن يشاركني في طرحه الزملاء الكتّاب كلهم وبالأخص السلفيين منهم، والذين هم، تبارك الله لا قوة إلا بالله، كُثر في الصحف المختلفة، وأن يشاركني كذلك في طرحه البدون السلف، وخصوصا العاملين مع جمعية «إحياء التراث» التي يرتبط بها التجمع السلفي:لماذا يرفض التجمع السلفي تأييد المقترح، وهو مقترح إنساني مدني بحت ينبع من صميم الشريعة؟ وكذلك ومادمنا في مجال طرح التساؤلات البريئة، لماذا ترفض جمعية حقوق الإنسان التي يرأسها د. عادل الدمخي، والذي هو أيضا من الجماعة والجمعية نفسيهما، تأييد هذا المقترح ومساندة من يعملون على إقراره؟! تساؤلات نود أن نسمع لها إجابة حتى نفهم وجهة النظر السلفية!
مقالات
إنسانية خالد السلطان... إنسانية السلف!
19-10-2008