• اثنان من أولادي في السلك العسكري والشرطي، وهما لا يجدان «غضاضة» في تحية من يعلوهما رتبة، كما أفاداني بذلك حين سألتهما! ولو لم يفعلا ذلك، فقد أخلعهما من العشيرة والأسرة، جزاء وفاقا على فعلتهما المنكرة! ما علينا.

Ad

إن الشرطة النسائية تكاد تكون حاضرة في أغلب دول مجلس التعاون، فضلا عن بقية الأقطار العربية، ولم نسمع أبداً اعتراض الجنود أو العكس على تحية المرأة الضابط لأي ذريعة كانت، لأن التحية من المسلمات التي لا جدال فيها، لكن أصحاب الذوات المتضخمة جداً، الوارمة بالعجرفة الفارغة هم الذين أعلنوا رفضهم تحية من يعلوهم رتبة عسكرية، إذا كانوا من الإناث!

وهذه الفعلة: تنطوي على ردة اجتماعية جاهلية عفا عليها الدهر وشرب، وباتت في مزبلة التاريخ، أو على الأقل ترقد في متحف العادات الشاذة والتقاليد اللاّ سويّة النافية لمقولة «الجنة تحت أقدام الأمهات» النبوية الشريفة!

• من هنا من حق وواجب وزارة الداخلية مجابهة هذه الردة الجاهلية التي تنظر إلى المرأة نظرة دونية، باستجابة حازمة حاسمة تعيد إلى المرأة الإنسان والضابط اعتباره المثلوم، ليس عبر غرامة مالية بخسة دنانير معدودة تصرف من كيس الوزارة، بل من جيب الفعلة الذين ارتكبوا هذه الخطيئة الشنيعة، ضاربين عرض الحائط بتقاليد الضبط والربط في السلك العسكري والشرطي! ذلك أن سياسة التوفيق الترقيعية، ومحاولة مسك العصا من النصف، الساعية إلى إرضاء كل الأطراف تضع الجاني والمجني عليه في سلة أو «خيشة» واحدة لا فرق! ويبدو لي أن الرافضين يحسبون التحية إياها هي «تحية كاريوكا» تستأهل موقف الرفض الجانح، مع الاحترام الشديد جداً للسيدة «تحية» رحمها الله وطيب ثراها، والتي تستأهل التحية بكل أشكالها، لتاريخها الوطني والاجتماعي والإنساني المشرف، فقد كانت ناشطة سياسية بامتياز، فضلا عن نخوتها وحبها للخير.

• وإذا كنا مع الرافضين لإقحام الدين عنوة وقسراً في كل شاردة وواردة، فمن باب أولى أن ينسحب الموقف الرافض على التقاليد الجاهلية! وقد فات الرافضون لأداء التحية العسكرية للمرأة الضابط، بأن موقفهم إياه لن يخرق الأرض ولن يبلغوا الجبال طولا! غاية ما هنالك أنهم يخرقون القانون العسكري الشرطي!

إن فضاء الفتيا أصبح «سداح مداح» بحسب أستاذنا أحمد بهاء الدين رحمه الله، فمن النادر أن تجد أحداً من موالي الفتيا يتأسى بقولة الإمام مالك الشهيرة: «من قال لا فقد أفتى». ربما لأن الفتاوى صارت مسيّسة واقتحمت السوق ومجال «البنزنس» لكل من حفظ وردين من القرآن الكريم، ويحيد «البسملة والحوقلة» بمناسبة وبدونها! من هنا تكمن أهمية ترشيد الفتاوى والنأي بها عن كل ما من شأنه إشاعة التسيب والجنوح والتنطع، إلى آخر مفردات «بازار» الفتاوى إياها!