قمة سعيد جليلي!

نشر في 16-01-2009
آخر تحديث 16-01-2009 | 00:00
 صالح القلاب لأن هناك قمة ستعقد في الكويت وجرى التحضير لها منذ فترة سابقة بعيدة، ولأنه بالإمكان أن تجمع هذه القمة الوضع العربي الممزق والمشتت، وبالإمكان تحويل الجزء الرئيسي منها الى غزة والوضع الفلسطيني، ولأن هناك مبادرة لوقف الهجوم الإسرائيلي المتصاعد وهي المبادرة المصرية، فلم يكن ضرورياً ولا منطقياً ان تفاجئ قطر العرب وتستدعيهم استدعاءً لعقد قمة طارئة، أرادتها إيران قمة لفرز «عربها» وإبعادهم عن العرب الآخرين الذين يوصفون بأنهم معتدلون يقابلهم تحالف «فسطاط الممانعة» الذي لم يمانع في أي شيء وسقط في الامتحان أكثر من مرة.

ما الذي من الممكن ان تفعله هذه القمة «الطارئة»، بغض النظر عن عدد الدول التي ستحضرها، أكثر من الوساطة المصرية وأكثر من السعي الحثيث والضغط المتواصل لإلزام إسرائيل بقرار مجلس الأمن الدولي الأخير رقم 1860 الذي رفضته حركة حماس استجابة لأمر الولي الفقيه في طهران، وانسجاماً مع «هواجس» وحسابات «فسطاط الممانعة»...؟!

لو أن هذه القمة «الطارئة»، قادرة على فعل ما لم يستطعه الأوائل لكان واجباً ان تنحني لها كل الرقاب العربية، ولكان على الرؤساء والقادة والزعماء ان يذهبوا إليها زحفاً، ولكان على الكويت ان «تُشلِّعُ» أوتاد خيام قمتها وتنقلها الى قطر، أما وان أقصى ما هو متوقع هو صدور بيان عرمرمي يشبع الإسرائيليين شتماً، ويتركهم يفوزون بالإبل، ويشبع مصر غمزاً ولمزاً إرضاء لإيران، ومن لفَّ لفها، فإنه لابد من القول مثنى وثلاث ورباع إنه لا ضرورة لها وإنها غير موفقة لا شكلاً ولا مضموناً، وإن أضرارها أكثر من فوائدها، وإنها ستظهر العرب قبائل متحاربة غير قادرة على ان تقفز فوق تعارضاتها وتناقضاتها حتى تحت ضغط مأساة غزة.

إذا أرادت قمة الدوحة ان يقرأ العرب الذين لن يحضروها صورة «النـَّدامة» ويعضوا أصابعهم أسفاً لغيابهم عنها فإن عليها ان تتخذ قرارين ملزمين وتضعهما موضع التنفيذ على الفور:

أولاً: إعلان الحرب عبر جبهة الجولان وتحريك القوات الإيرانية جوّاً وبرّاً لتشارك في هذه الحرب منذ اللحظة الأولى، ولتتحقق تهديدات «الأخ» محمود أحمدي نجاد بالقضاء على إسرائيل وتحرير فلسطين كلها وإلزام الإسرائيليين إما أن يُغرقوا أنفسهم في مياه البحر المتوسط أو ان يعودوا كـ «شذاذ آفاقٍ» الى الدول التي جاؤوا منها في هذا القرن وفي القرن الماضي والقرن الذي سبقه.

ثانياً: إغلاق القواعد الأميركية في قطر «الشقيقة»، فالولايات المتحدة هي رأس الحية وقواعدها في بلادنا هي قواعد إسرائيلية، وهناك بيت شعر عربي شهير يقول:

لا تقطعنْ ذنب الأفعى وتتـركها

إن كنت شهماً فأتبع رأسها الذَّنبا

ما كان على الأشقاء في قطر ان يلعبوا هذه اللعبة وأن يدخلوا الوضع العربي في مأزق جديد، بالإضافة الى مآزقه الكثيرة السابقة ولمصلحة إيران ولحسابها وحساباتها، فهم يعرفون أن هذه القمة الطارئة التي دعوا إليها هي فكرة إيرانية وأنها قمة الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني سعيد الجليلي الذي جاء من طهران الى دمشق حاملاً قرار ضرورة عقدها، وحاملاً أيضاً أوامر الولي الفقيه الصارمة بضرورة التحلي بروح رياضية عالية إزاء ما جرى وما يجري في غزة، فالهدف هو ليس رفع السيف الإسرائيلي عن العنق الفلسطيني، وإنما هو ترتيب أوضاع المنطقة لفترة ما بعد هذه الحرب، بحيث تكون إيران الرقم الرئيسي في المعادلة الجديدة!

* كاتب وسياسي أردني

back to top