مجلس متعصب
إن كانت انتخابات مجلس الأمة قد كشفت عن شيء، فهي بالتأكيد كشفت عن شيئين مهمين؛ وهما أهمية الصوت الرابع في الانتخابات ومدى تعصب وتطرف النتاج الانتخابي للمواطنين. فمع بعض الاستثناءات القليلة في الدوائر، نرى أن نصيب الأسد في هذه الانتخابات كان للمتعصبين في كل شيء، المتعصبين للصراخ، للطائفة، للقبيلة، للعائلة والفئة، وهو قد يعكس إلى حد كبير شخصية العديد من الناخبين، فالشخصية الكويتية لا يعجبها شيء وكشفت من خلال الانتخابات أنها متطرفة في طبعها.ورغم إنكارنا جميعاً لمدى تعصبنا وتطرفنا، فإن هذا التطرف والتعصب لا ينعكس بالضرورة على اختيارنا الأول في الانتخابات، إذ كان الرابح الأكبر هو مَن حصل على الصوت الرابع. فالعلاقات الاجتماعية علاوة على علاقة الناخب بنفسه ليثبت أنه ليس متطرفاً تجعله يختار «كوكتيلاً» من الأصوات في خياراته الثلاثة الأولى (على الأقل في الدوائر الأولى والثانية والثالثة)، فيما يبقى الصوت الرابع هو المعبر عن شخصيته الحقيقية، فتراه يختار نائباً متطرفاً حتى إن لم يتفق معه بالرأي، فورقة تصويت بالدائرة الثالثة تحمل أسيل العوضي وصالح الملا ورولا دشتي ووليد الطبطبائي تستدعي التوقف عندها، خصوصاً وقد تكرر منها الكثير من أوراق الاقتراع. فهي الورقة التي عكست استتار التعصب لدى الناخب، فيما لم يخش بعض الناخبين إظهار تعصبهم في اختيار 4 مرشحين من تيار متشدد واحد أو طائفة واحدة.
وتبقى هذه النتائج شبيهة إلى حد كبير بنتائج انتخابات مجلس 1981، فنكاد نجزم أن نتائجها لن تتكرر لو جرت انتخابات جديدة غداً، فتراجع المخضرم أحمد السعدون للمركز التاسع وقرب أسيل العوضي من الفوز بهذه الدرجة وفوز محمد العبدالجادر وأيادينا على قلوبنا وخسارة عبدالرحمن العنجري وحتى عدنان المطوع وجمال الكندري بهذا القدر من الأصوات القليلة وفوز الطبطبائي والمليفي بهذا القدر من الأصوات الكثيرة أمور قد لا تتكرر، وسيحسب لها الناخب حسابات أخرى إن واجه ورقة الاقتراع، وهو تماماً ما حصل في انتخابات مجلس 1985 إذ جاءت نتائجه مغايرة تماماً لنتائج المجلس الذي سبقه، إذ تبقى تركيبة الدوائر الجديدة هي العنصر المشترك بين 1981 و2008، إذ انتصر المتعصب الصغير داخل كل منا وتراجع مرة أخرى في الاختبار الذي يليه. **** خسارة جمال العمر وسعدون حماد وخروج وليد العصيمي وآخرون يؤكد أننا «نبيها خمس».* رجاء ممَن لديه رقم صلاح الجاسم أن يعطيني إياه، لأنه «عفس الديرة» لمدة شهر في استبيانات أثبتت عدم دقتها وأثرت في الرأي العام وفي النهاية ثبت خطؤه في العديد من الدوائر... ويواصل في الانتخابات المقبلة ممارسة لعبة الاستبيانات الخطرة!