ابعد من الطاحوس

نشر في 13-04-2009 | 00:00
آخر تحديث 13-04-2009 | 00:00
 أ.د. غانم النجار تتكرر في أجواء الانتخابات شطحات المرشحين، وتجاوزات بعضهم اللفظية، وقد يسيء بعضهم الأدب ويتجنى على أشخاص، لكنها تبقى في حدود حرية الرأي المكفولة بالدستور، وعلى من يشعر أنه أوذي أن يلجأ إلى القانون، فكما للمرشحين حرية مكفولة بالقول، فهناك أيضا حق يكفله القانون لمن يُتعرَّض له بالإساءة، ونتمنى أن يلتزم المرشحون التركيز في خطابهم على ما يهم المواطنين والتنمية، ومع أن ما أدلى به المرشح خالد الطاحوس من تصريحات، يأتي في سياق غير مقبول ومستهجن، فإن رد الفعل الذي تم مبالغ فيه، فما قاله مازال ضمن حرية الرأي المكفولة، خصوصا في إطار الحملة الانتخابية، وبغض النظر عن رفضنا أو قبولنا له.

فلا يمكن للانتخابات أن تكون نزيهة وشفافة من دون اتاحة الفرصة أمام المرشحين للتعبير عن آرائهم بحرية، ولا يمكن، والحال كذلك، قبول ما يتردد عن نية الأجهزة الأمنية وغيرها رصد ما يقال في التجمعات الانتخابية، وكتابة التقارير، وعدم الخروج على الخطوط الحمراء. وهي خطوط تتقاطع كما يبدو مع خطوط خضراء وزرقاء وغيرهما من الألوان.

ويبدو أن موضوع الطاحوس يُراد استخدامه لما هو أكبر من ذلك، كما تم استخدام حادثة التأبين من قبل لتبرير محاولة إعادة انتاج قانون التجمعات الذي كانت المحكمة الدستورية قد قذفت به إلى العدم.

وعندما نتحدث عن التخريب المنهجي، الذي تم في الحقبة الأولى من مسيرة الديمقراطية، أي في الستة انتخابات الأولى حتى سنة 1990، فإن ذلك لا يعني أن هذا التخريب قد مسَّ الممارسة الانتخابية فحسب، بل ارتكز ذلك المنهاج على حزمة قوانين مقيدة للحريات العامة والخاصة، ومناقضة للدستور، كقانون أمن الدولة الذي كان يسمح للسلطات الأمنية باحتجاز أي شخص مدة ستة أشهر قابلة للتجديد من دون توجيه أي تهمة، والذي ألغي بعد عودة مجلس 1992، وكذلك قانون التجمعات الذي لم يُلغَ الا بحكم المحكمة الدستورية سنة 2006، كما اشرنا، وقانون المطبوعات الذي مازال يعاني قيودا وبنودا لا تمت الى الديمقراطية بصلة، وقانون جمعيات النفع العام الذي مازال على تخلفه منذ 1964، بل إن دراسة مقارنة حديثة بين اليمن والبحرين والكويت خلصت الى ان القانون الكويتي الخاص بالجمعيات هو الاكثر تخلفا بين الدول الثلاث. يضاف الى ذلك قوانين بها شبهات دستورية في مجالات مختلفة كقانون الاختلاط والانتخابات الفرعية والجنسية وغيرها. ولكم تمنيتُ ان يركز المرشحون على الغاء كل القوانين المناقضة للدستور، وما أظنهم فاعلين.

تحت مبررات حماية الوطن وأمنه يتم نسج حزمة القمع والمنع والتعدي على الدستور ومكتسباته، وتحت المبررات ذاتها استُخدم قانون امن الدولة بقسوة، وفُرضت الرقابة، فلم تكن النتيجة الا وبالاً وتدميراً للمجتمع كالذي 'خطف عينه باصبعه'.

المواقع السوداء

اتخذت الحكومة الاميركية قرارا بإغلاق السجون السرية الموزعة على دول عديدة بإشراف المخابرات المركزية والتي كانت قد تأسست عام 2002، واللافت ان جهاز المخابرات المركزية الاميركية اعلن ترحيبه بذلك الاجراء، واعربت المخابرات المركزية انها من الناحية الامنية كانت تعارض ذلك، ولكن الادارة السياسية فرضت إنشاء تلك السجون بمبررات حماية الوطن. الحديث والموضوع مكرر في كل مكان في العالم، ولا مناص من العودة الى احترام كرامة الانسان وحقوقه الأساسية، فهي السبيل الوحيد. 

back to top