في استطلاع لمؤسسة «ميرسر» الذي يصنف المدن حسب جودة مستوى المعيشة والحياة احتلت الكويت المركز 125 عالمياً، وقد تفوقت القاهرة عليها (بالرغم من الانفجار السكاني وقلة الموارد) في حصولها على المركز الـ122، حيث تقيَم «مؤسسة ميرسر» المدن حسب معايير مختلفة من ضمنها النواحي السياسية والإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية والترفيهية، بالإضافة إلى الجوانب الأمنية والرعاية الصحية والتعليم والمواصلات والبنى التحتية.

Ad

أما المركز الأول كأفضل مدينة في العالم من حيث المستوى المعيشي ورغد الحياة فكان من نصيب مدينة فيينا النمساوية... تلك المدينة العريقة الساحرة التي اشتهرت بكونها مركزاً للتعليم والثقافة والأدب والموسيقى والفنون، وتعتبر من أكثر الأماكن التي يرغب الناس العيش فيها، فهي مدينة تنبض بالحياة بسبب تعدد ثقافاتها وحضاراتها. كما أنها من أكثر مدن العالم نظافة وأمناً وهدوءاً (فلا ضجيج ولا ضوضاء ولا تلوث سمعياً وبصرياً كما يحدث عندنا). تلك هي المدينة التي تغنَّت بها أسمهان «ليالي الأنس في فيينا... دي فيينا روضة من الجنّة... نغم في الجوّ له رنّة... سمعها الطير بكى وغنّى».

أما نحن فنعيش الظلام والتخبط والجمود والشلل تحت رعاية ثقافة القطيع ومصادرة الرأي والفتاوى والفتاوى المضادة وتوزيع صكوك الغفران، متخذين من شعار «أسرع طريق إلى الجنة» وسيلة لتثبيت سلطة الكهنوت وعبودية البشر في ادعائهم بامتلاك مفاتيح الجنة. والمضحك المبكي أن نساءنا تكافئ هؤلاء بالتصويت لهم بدلاً من معاقبتهم لحرمانهن من أبسط حقوقهن الإنسانية!

الطامة... أن الكثير من متشددينا ومتزمتينا يدعون، بكل غرور، الغرب (الذي تبوأ المراكز الأولى في جودة المعيشة والحياة الرغيدة) إلى تبني إيديولوجيتهم وأنظمتهم التي فشلت بسببهم فشلاً ذريعاً، وسقطت سقوطاً مدوياً في قضايا الإصلاح والديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان... بل ساهمت في تأصيل الطائفية والعنصرية، ونشرت العداء والكراهية، وشغلت الدنيا بقضايا تافهة و»هايفة» وهامشية، ودمرت الحريات والمكتسبات الدستورية.

وها هم اليوم يدعون الناس مجدداً لانتخابهم، مدعين أنهم الأجدر والأكفأ في الإصلاح والتنمية والتغيير، وقد كانت لهم الغلبة طوال هذه السنين، ووقفت الحكومات في صفهم حتى أصبحوا يمتلكون السلطة والنفوذ والمال... السؤال: ماذا سيقدمون اليوم بعد إخفاقات كل هذه السنين العجاف؟