حلم القضاء على السرطان يقترب والدواء في الذهب البروفيسور مصطفى السيد لـ الجريدة : سأقهر السرطان انتقاماً لزوجتي!

نشر في 30-10-2008 | 00:00
آخر تحديث 30-10-2008 | 00:00
بعد تسليم الرئيس جورج بوش عالم الكيمياء مصطفى عمرو السيد «الوسام الأميركي في العلوم»، أعلى وسام من نوعه في الولايات المتحدة، صار معروفاً على نطاق واسع ما كان متداولاً في دوائر علمية وطبية منذ سنوات وهو أن أمل البشرية في التوصّل إلى علاج ناجح وحاسم للأمراض السرطانية معلّق إلى حد كبير على جهود هذا الرجل، إبن محافظة الشرقية في دلتا مصر.

جاء التكريم الأميركي للسيد بسبب اكتشافه طريقة للقضاء على الخلايا السرطانية بفاعلية من دون أن تصاب الخلايا السليمة، باستخدام الذهب بعد تسخينه بأشعة الضوء.

السيد الذي يرأس كرسي خوليوس براون في معهد جورجيا للعلوم والتكنولوجيا، ويرأس في الوقت نفسه مركز أطياف الليزر في المعهد ذاته، من أبرز المرشحين لجائزة نوبل في العلوم. كان لـ «الجريدة» الحوار التالي معه.

بعد مشوارك البحثي الطويل، هل تتوقع الحصول على جائزة نوبل؟

طوال فترة بحثي للقضاء على السرطان، لم أكن أفكر مطلقاً في «نوبل»، بل ركزت على محاربة المرض فحسب. سئلت هذا السؤال كثيراً في مصر وكانت إجابتي واحدة وواضحة: «يستحق نوبل أكثر مني من ينجح في القضاء على جين السرطان». كان لدي أيضاً دافع آخر وراء دأبي للبحث عن وسيلة للقضاء على مرض السرطان وهو وفاة زوجتي بهذا المرض اللعين بعد رحلة طويلة من العذاب والألم، لذا كنت أفكر في وسيلة لتخليص البشر منه.

هل أنت متفائل بشأن إمكان توصّل العلماء إلى طريقة للقضاء على جين السرطان؟

متفائل جداً، وأعتقد أن السرطان سيصبح في خبر كان خلال الـ 15 عاماً المقبلة.

كيف بدأت رحلة الإنجاز العلمي الذي حققته في مجال علاج السرطان؟

بعد رحلة بحث طويلة استمرت حوالي خمس سنوات، تمكنت ومعي فريق من الباحثين بينهم إبني د. إيفن، وهو طبيب بشري اختصاصي في الأذن والحنجرة، والدكتورة منى محمد بكر أفضل اختصاصية مصرية في النانوتكنولوجي، من التوصّل إلى أسلوب جديد للكشف المبكر عن المرض الخبيث وهو في مرحلة الخلية، وذلك باستخدام ما يعرف بـ»الذهب النانومتري».

تساعد جزيئات الذهب النانوية في اكتشاف الخلايا المسرطنة، وقد توصلت إلى أن الذهب النانومتري يمكنه تدمير الخلايا المصابة بالسرطان عند تسخينه بتعريضه للضوء بنسب ودرجات محسوبة، من دون القضاء على الخلايا السليمة.

ماذا تقصد بـ{الذهب النانومتري»؟

يمكن تصغير المادة إلى حجم النانو الصغير جداً. شعرة الرأس مثلا، تساوي 50 ألف نانومتر. أجريت أبحاثي على مجموعة من المعادن مثل الفضة والبلاتين والذهب وتوصلت في النهاية إلى أن الذهب النانومتري، من دون غيره من المعادن، قادر على عكس الضوء بدرجة عالية، ويتميز بعدم مقاومة الجسم له ودخوله بسهولة إلى الخلايا الحية، وبالتالي عند تثبيته فوق الخلايا يعكس الضوء ويكشف الخلايا المسرطنة، وهذا يفيد في الكشف المبكر عن الخلايا المصابة، ولدى تسخين الذهب يعمل على تدمير الخلايا السرطانية. كذلك توصلت إلى أسلوب علمي يضمن عدم تأثّر الخلايا السليمة.

هل يضبط الضوء بنسبة معينة؟

طبعاً، أخذت ذلك في الحسبان، وضبطت الضوء بتقنية معينة كي لا يزيد أو يقل عن الدرجة المطلوبة، والحمد لله نحجت تماماً.

هل طبقت هذا الأسلوب على المرضى؟

لست طبيباً جراحاً. تنتهي مهمتي كعالم عند المرحلة التي توصلت إليها، بعدها يبدأ فريق علمي آخر من الأطباء والجراحين الاختصاصيين عملهم بتجريب ما توصلت إليه من نتائج على البشر. اختبرت وفريقي ما توصلت إليه من نتائج على فئران التجارب، ونجحت تجاربنا بنسبة 100%، عرضنا النتيجة بالصور والرسم البياني التوضيحي في محاضرة في المركز القومي للبحوث في مصر.

متى يبدأ الاختصاصيون بتجريب ما توصلتم إليه وتطبيقه على البشر؟

بدأ ذلك في الولايات المتحدة في ثلاثة مستشفيات من بينها «أندرسون كانسر سيتي»، وهي من أكبر مستشفيات العالم في مجال بحوث السرطان وعلاجه.

ماذا عن النتائج النهائية؟

أظن أنها ستستغرق خمس سنوات على أقصى تقدير. بعدها سيعرض الخبراء النتائج على الحكومة الأميركية. يجب أن تقر العلاج أولاً إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية، وهي المعنية بإصدار تراخيص استخدام العقاقير في الولايات المتحدة، ثم يعمم العلاج عالمياً.

في حالة تعميم العلاج، هل سيكون في متناول الجميع؟

طبعاً، المواد التي يعتمد عليها الدواء غير مكلفة. يكفي ميكروغرام (واحد على ألف من غرام الذهب) لعلاج سرطان البنكرياس، إلى جانب استخدام الليزر المتاح في معظم بلدان العالم ومنها مصر التي تضم معهداً متخصصاً في علوم الليزر في جامعة القاهرة.

اكتشافك يعتمد على تسليط الضوء على الذهب فوق الخلايا المسرطنة، هل يعني ذلك عدم صلاحية ذلك مع السرطانات داخل الجسم البعيدة عن الضوء؟

يصلح العلاج تماماً في حالة الخلايا المصابة القريبة من السطح مثل سرطان الجلد والثدي أو الحنجرة... وكذلك سرطان الدم، أو باختصار أي مكان في الجسم يسهُل وصول الضوء إليه، لكن بالتأكيد سيطوّر العلماء أجهزة طبية تذهب بالضوء إلى داخل الجسم وصولاً إلى الخلايا المسرطنة والقضاء عليها، لكن لم يحدث ذلك بعد.

ترتفع في مصر معدلات الإصابة بأمراض الكبد ومنها السرطانات، هل تعتقد أن العلاج سيساهم في الحدّ من تلك الأمراض؟

يتوقف ذلك على عامل مهم جداً وهو: هل سيتقبل الكبد الذهب النانومتري أم لا؟ قد يحاول الكبد التخلّص منه، لذا يجب إجراء تجارب كثيرة في هذا الصدد وصولاً إلى نتائج محددة. قد يبدأ العلماء المصريون في المركز القومي للبحوث بإجراء التجارب على الحيوانات لمعرفة النتائج، وأعتقد أنهم سيتوصلون إلى نتائج جيدة، خصوصاً أن لدى مصر علماء متميزين في مجال النانوتكنولوجي وبالطبع من بينهم د. منى بكر التي كانت ضمن أعضاء فريقي البحثي في أميركا.

أعلى وسام أميركي

تعتبر قلادة العلوم الوطنية الأميركية التي منحها الرئيس الأميركي جورج بوش لـ د. السيد أعلى وسام أميركي للعلوم، يأتي تقديراً لإسهاماته في التعرف الى فهم الخصائص الإلكترونية والبصرية للمواد النانوية وتطبيقها في التحفيز النانوي والطب النانوي واعترافاً بجهوده في خدمة الإنسانية ودوره في تطوير قيادات علوم المستقبل.

د. السيد في سطور

• د. مصطفى عمرو السيد رئيس كرسي «غوليوس بروان» في معهد جورجيا للعلوم والتكنولوجيا ورئيس معهد أطياف الليزر في المعهد نفسه.

• من مواليد محافظة الشرقية. نشأ في مدينة زفتى (محافظة الغربية) شمال القاهرة، وتخرّج في كلية العلوم - جامعة عين شمس عام 1953 وحصل على الدكتوراه من جامعة فلوريدا.

• عمل كباحث في جامعتي «هارفارد» و «يل» قبل الانتقال إلى جامعة كاليفورنيا في ولاية لوس أنجليس عام 1961.

• عُيّن رئيساً لتحرير مجلة «الكيمياء الفيزيقية» من 1980 إلى 2001.

• حصد جوائز علمية رفيعة كثيرة، منها جائزة الملك فيصل العالمية في العلوم عام 2001، وجائزة الأستاذ المتميز في معهد جورجيا، وجائزة «فرزنيوس» الأميركية في الكيمياء البحتة.

• نُشر له أكثر من 650 بحثاً في المجلات العلمية الكبرى، وله قاعدة باسمه في مجال الأطياف تُسمى «قاعدة السيد»، وهو أحد أساتذة د. أحمد زويل الحائز جائزة نوبل في الكيمياء.

• يهتم في دراسته باستخدام أطياف الليزر في حالتها الثابتة وفائقة السرعة، لفهم ظاهرة الاسترخاء وتحوّل الطاقة إلى جزئيات، بالإضافة إلى التركيبات النانومترية للمعادن.

back to top