أول العمود: هناك نتيجة أخرى لمؤتمر الدوحة الذي أنهى أزمة لبنان، هي أن «حزب الله» قويّ... جداً.

Ad

***

كسبت العناصر الدينية والقبلية الرهان، وفازت بأكثر من نصف عدد مقاعد البرلمان، وجاءت هذه النتيجة بسبب دفع الشباب في «ساحة الإرادة» إلى تقليص عدد الدوائر، ودفع هذه الدعوة إلى الأمام لاحقا نوعية من النواب ممن يصنفون بأنهم الأكثر وعياً بدورهم.

وربما لم يدر في خلد شباب «نبيها خمس» أن مفاسد الدوائر الـ25 ستنتقل إلى نظام الدوائر الجديد، لكن هذه هي الديمقراطية. ويبقى الآن أننـا أمـام نتيجة رسمها الناخبون بأوراق الاقتراع أحراراً غير مرغمين، وأمام هذه التشكيلة الإسلامية القبلية «الغالبة» مهمـات ثقيلـة تحتاج إلى وعي بماهية «مشروع الدولة»، ومجلس الأمة جزء مهم من أدوات ومحركات هذا المشروع، بصفته مراقبا ومشرعا.

نعلـم أن للتيار الديني أجندة وتطلعات تمس حياة الناس اليوميـة، ونعلم أن للقبلية سطوة وأثراً استطاعت تغيير وجوه عديدة من تشكيلة مجلس 2006، وهو هاجس سيظل يحكم توجهات النواب الذين يمثلون هذه الدوائر تحديداً، لكن أمام ذلك ملفات ثقيلة تحتاج إلى الخروج من أطر التفكير الضيق.

أمام هذه التشكيلة النيابية (الإسلامية القبلية) أسئلة عظيمة، إجاباتها ستحدد مصيرنا في السنوات الأربع القادمة:

- هل لدى هذه التركيبة «الغالبة» في المجلس وعي بضرورة فهم ما يحيط بالكويت من مخاطر إقليمية كالإرهاب، والحروب الأهلية، والقتل على أساس الهوية، وانتشار النفس المذهبي المميت؟

- وهل يمكن للإسلاميين والقبليين تحديداً أن يبرهنوا على أنهم أناس يعون معنى التطوير والتنمية في مجال التعليم والصحة والاقتصاد، من دون تسييس واقتصاص من شخوص محددة ورسم بطولات شعبية على جثثهم؟

- وهل يستطيع الإسلاميون أن ينتشلوا البلد من أمراض يعانيها منذ أكثر من 40 عاماً، كتجارة الإقامات التي خلقت مناطق موبوءة، وكذلك مرض الواسطة الذي صنع موظفاً كويتياً مرتشياً؟

- وهل سيعي الإسلاميون والقبليون أن الكويت متأخرة في مجال الشفافية، ومتقدمة شيئاً فشيئاً في سلم الفساد كما تقول تقارير منظمة الشفافية الدولية سنوياً؟

- وهل يستطيع الإسلاميون أن يخلقوا فرصاً للشباب يكسبون من خلالها رزقاً يعينهم على أعباء الحياة في القطاعين الحكومي والخاص؟

- وهل يستطيع هؤلاء النواب أن يبتعدوا عن صغائر الأمور وهوامشها، ويكفوا عن تجيير أداة التشريع والقانون لخدمة أسلوب تفكير ضيق ومحدود؟

- وهل سيعي هؤلاء ماذا يعني أن عضو مجلس الأمة يمثل الأمة بأسرها، ويكونون هم أنفسهم مثالاً لنبذ الطائفية والقبلية بأشكالها البغيضة؟

- وهل سيساهم هؤلاء في شحن الأجواء بمزيد من التوتر وعلو الصوت أم ستكون لهم القدرة على فرض نقاشات هادئة ومفيدة كما كان يحدث في مجلس 1985؟

- وهل يستطيع هؤلاء استخدام أداة الاستجواب بالنموذج الذي حدث في استجواب وزير العدل في ذلك المجلس، حينما رسم محاوره الإسلاميون والليبراليون معاً وكان استجوابا راقياً؟

نطرح هذه الأسئلة، بعدما بدا على الناس تخوف من أن هذا المجلس لن يكون بمستوى الطموح الذي تنتظره ملفات التنمية والتنشيط الاقتصادي ودعم قضايا الحريات والديمقراطية، وإنقاذ التعليم، فهل يستطيع من يرى في نفسه أنه «نائب إسلامي» وآخر «قبلي» أن يعي ويستوعب ما معنى «بناء الدولة» دولة الكويت التي هي جزء من محيط عالمي متلاطم في قضايا البيئة وحقوق الإنسـان والشفافية والتنمية المستدامة وحقوق المرأة السياسية والاجتماعية؟ وهل سيعي الإسلاميون والقبليون كل هذه القضايا ويتحملون كل تلك المهمات؟ وهل سيستطيع كل من النائب الإسلامي والقبلي أن يكتشف المعاني الإيجابيه للدين والقبيلة؟

أمامكم سنوات أربع... فإما أن تكون عجافاً أو تتحول بجهدكم ووعيكم إلى سنوات رخاء.