خذ وخل : تنكيت وتبكيت انتخابات الكويت ! (1-2)


نشر في 17-05-2009
آخر تحديث 17-05-2009 | 00:01
 سليمان الفهد • أعترف بداية أن عنوان المقالة طويل كشارع الرياض، مليء بالمطبات كشوارع «الضاحية» الباهية «المايقة» على جيرانها، والآن ندخل في محور حديثنا بالحمد والثناء لله سبحانه وتعالى على انتهاء «العرس الديمقراطي» دون حوادث خلع ودعاوى بيت طاعة فضلا عن الطلاق البائن والعياذ بالله.

وحين تقرأ هذه السطور، سيكون سامر الانتخابات قد انفض، وأُشهرت أسماء الناجحين، وعادت نسبة التلوث السمعي الذي اكتنف فضاء الديرة إلى مستواه المألوف، ولم نعد بحاجة إلى أن نهتف مع عمنا الشاعر الفذ «بيرم التونسي» هجائيته الموجهة لأهل المغنى بمصر «المفروسة، المحروسة سابقا» قائلا: «يا أهل المغنى دماغنا وجعنا دقيقة سكوت لله!» وإذا كان المغنون يغنون لنا، فإن العديد من المرشحين يغنون علينا! لكن صوت الناخب حر وعزيز لا يقترع لذوي الأصوات النشاز التي تزكم الأنوف، فضلا عن العوادم والملوثات التي كانت بحاجة إلى كمامات تدرأ عن الناخبين أخطارها ومضارها التي كانت تروم تمزيق نسيج الوحدة الوطنية التي تعمدت بالدم والفداء والاستشهاد وكل القيم والممارسات الدالة على المواطنة، ومعذرة لهذه الموعظة التي اقتحمت السياق عنوة، فالشيطان- بداهة- لا يعظ لكنه يعض!

• وأحسبك لاحظت معي أن حضور المرشح الأزلي المؤبد الساخر «محمد الحفيتي» لم يكن بذات الزخم الذي كان يحظى به في الانتخابات الماضية، ربما لأن واقع حال البلاد والعباد، يبز ويفوق سخرية «بوراشد» وخياله المترع بالتنكيت والتبكيت! والحق أننا لن نشاهد «تلفزيون الواقع» يضاهي ما حدث في ميدان المعركة الانتخابية، من ممارسات لها العجب، تفوق خيال المبدعين وتتحدى شطحاتهم، وتهويماتهم، وإبداعهم بتجلياته كافة... بما فيه الخيال اللاعلمي، والخيال العلمي علمك! خذ عندك- مثلا- محاولة العديد من المرشحين تعكير صفو الفرح الديمقراطي متأسين بالبلطجية الذين ترونهم في أفلام الأسود والأبيض، يطيحون بالعرس تخريبا بالأسلحة المشروعة والمحرمة بلديا ودوليا، وعليك الحساب لعدد المرشحين الذين تماهوا مع بلطجية السينما، وشرعوا برمي كرسي «في كلوب ولمبة» فرح الخصم المنافس؟! وهي ممارسة «عدو قراطية» تسعى إلى تقويض سمعة المرشح المنافس بأسلحة الدمار الشامل، كالإشاعات والافتراءات وغيرهما من عدة وعتاد العرس الدم قراطي..! فالإشاعات انتشرت أزيد من الطوز، وأكثر تنوعا واستمرارا! وكأن الوطن يتنفس إشاعات! الأمر الذي أفضى بالعبد لله إلى أن تختلط الأمور عليه. فبدلا من أن يسأل عن الوقت قائلا: كم الساعة الآن يا أخا النفط؟! وجدتني أسأله: كم الإشاعة الحين من فضلك؟! وقد تسمع مذيع إذاعة دولة الكويت يزأر بملء فيه «هنا إشاعة الكويت» عوضا عن قوله «إذاعة» إياها! وحين تجد الإشاعة تربة خصبة كفضاء الانتخابات، فتأكد بأن الإشاعة آتية لا ريب فيها! خصوصا إذا غابت المعلومات، وزاد عدد «الحداقة» والصيادين في مستنقعات المياه العكرة! فصار «البرنامج» المأمول لهذه الفصيلة من المرشحين يكمن ويتبدى في سلخ جلد خصومه وافتراس لحومهم.

• انتهى العرس بقضه وقضيضه، وحل وقت عمارة البلاد وتنميتها المتعثرة المراوحة في مكانها! ولكن أخشى القول: «لقد أسمعت لو ناديت حيا، ولكن لا حياة لمن تنادي!» أو كما قالت خالتك الست فيروز: «ماكو حدا لا تندهي.. ما في حدا!» فكل حزب بما لديهم فرحون، وهو لا يؤدي إلى طائل بل إلى طل! من هنا كنت أتمنى طول العمر لحكومة تصريف العاجل من الأمور، ذلك أنها لم تكتف بهذه المهمة، بل شرعت في تصريف الآجل من الأعمال! وكل يوم نفاجأ بإقرار مشروع جديد، واتفاقات تجارية مع سوق الصين العظيم، وغير ذلك من أفعال تترى وتسابق الزمن.

وشهادة حق في حكومة تصريف العاجل من الأعمال، أقول: بأنها نشطة وفاعلة، بعكس حالها، حين كانت حكومة رشيدة «لا تهش ولاتنش» من جراء العصي التي كان يضعها مجلس الأمة في دواليبها، لتعطيل مسيرتها وشل حراكها! إن كلا من مجلس الأمة ومجلس الوزراء يعلق حالة التأزيم السائدة بينهما على شماعة الطرف الآخر، الأمر الذي أدى بالبلاد إلى الإصابة بالشلل وغياب الفعل، على الرغم من التحديات الجسام التي تجثم على صدر البلاد والعباد! في الوقت الذي نجد فيه الأقطار العربية المجاورة الشقيقة طارت كما الطيور بأرزاقها بينما نحن نتشبث بالموقف الحرون، الذي نعزوه إلى الحسد والحقد والعين الحارة التي ما صلت على النبي صلى الله عليه وسلم.

• أهذا كلام جاد ينهض على تحليل علمي منهجي يفسر حالنا السيئة التي لا تسر صديقا ولا «عديقا» أو رفيقا من مظاهرة الشغيلة التي تملأ بيوتنا لتمارس عمارة الأرض نيابة عنا!

ثم تعال هنا وقل أي حسد هذا الذي يزعمون أن بلادنا مبتلاة به؟! وهؤلاء الذين نزعم أنهم «يحسدوننا» ليلا ونهارا وفي المناسبات والأعياد والعطل الرسمية، على ماذا يحسدوننا؟! أثمة إنجاز فعلناه يستأهل الغبطة والحسد؟! سأفترض جدلا أننا مصابون بالعين والحسد والذي منهما، كيف نعالج هذه التحديات الغيبية في الألفية الحداثية الثالثة؟!

هل تقوم وزارة الصحة العامة، بعد استفتاء وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتعليق «يامعة» تدرأ الحسد، وتفقأ العين الحارة التي أحالت دولة الكويت وضواحيها إلى دولة من الدول النايمة بامتياز! فكل شيء فينا وعندنا تخلف: وبتنا نعيش ونقتات على كويت الأيام الخوالي المجيدة في مناحي الحياة التنموية كافة، فصرنا كما التاجر المفلس الذي يلوذ بدفاتره العتيقة بدون جدوى! وها نحن عدنا يا كويت نمتطي السفينة المخطوفة، لنكون فرجة مجانية للأصدقاء والأعدقاء وكل خلق الله! ولولا الخشية من «الخط الأحمر» الذي يلوكه الوزراء ويجتره النواب، ويشهرونه في وجه كل راغب في الإصلاح، إلى حد أن البلاد باتت مزنرة بالخط الأحمر! والحق أن تجاوز إشارة المرور- وحده- هو الفعل الذي يستأهل اللون الأحمر! زد على ذلك، إن شئت، أن الثيران الإسبانية الأندلسية هي التي يستثيرها اللون الأحمر! ومن شدة وكثرة ترديدنا لمسألة الخط الأحمر صار طوزنا الأصفر أحمرا! ياسبحان الله حتى الطوز خط أحمر.

back to top