القرارات التي خرج بها «اجتماع» الدوحة التشاوري، سواء الدعم المادي لأهالي غزة، أو حتى «تجميد» العلاقات مع إسرائيل وليس قطعها كما فعلت فنزويلا، كان من الممكن اتخاذها في قمة الكويت، لكن الكويت باتزان سياستها وعقلانية تعاملها مع قضايا المنطقة باتت تشكل حساسية لدى البعض على ما يبدو.

Ad

ليست قمة الحكومات، بل قمة الإنسان العربي البسيط التي ستراعي صحته وتعليمه وظروفه المعيشية، هكذا قال عنها وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح، وهكذا أرادتها الكويت أن تكون، وهي ستكون كذلك إن شاء الله رغم جور بعض الإخوه الذين يستكثرون على الكويت أن تستقطب الأضواء لثلاثة أيام فقط، وكأنهم يريدون كل شيء لهم، الأضوء والصخب والجدل والإثارة كذلك.

حتى، وسمو الأمير حفظه الله يؤكد أن غزة ستكون في قلب قمة الكويت، بدا وكأنهم يريدون أن يقوموا هم بهذا الدور دون مراعاة لأواصر القربى والأخوة، وإلا ما هو التفسير لاجتماع الدوحه التشاوري الذي سبق قمة الكويت بـ48 ساعة فقط، وكأن تلك الساعات قد يتغير فيها مجرى التاريخ.

لنتخيل الوضع بمفهومنا المحلي الكويتي، بمعنى أن يكون لديك وليمة «عشاء» وتتفاجأ أن أخاك الذي يسكن معك في نفس المنزل، ولديه علم مسبق بموعد وليمتك منذ شهور، يقوم بعمل وليمة في نفس اليوم، لكن الفرق أن ضيوفك عرب أقحاح، ومعازيم أخيك بينهم أجانب وأغراب.

هذه المناكفة من قبل الدوحة ليست وليدة اللحظة، فقد حاولت منذ أيام المقبور صدام حسين لعب هذا الدور من خلال فك العزلة حول نظامه، بداية من تبنيها تحركاً وُئِد في مهده، يقضي باعتذار صدام عن جريمة الغزو مقابل طلب الكويت رفع الحصار عن نظامه المقبور، مروراً بزيارة مسؤوليها إلى بغداد، وانتهاء بدعوته إلى القمة الإسلامية التي سبقت انطلاق حرب تحرير العراق.

على الجانب الآخر لم يكن الغياب السوري عن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب مبرراً على الإطلاق، فالكويت لا تستحق من دمشق مثل هذا التعامل، فالجميع يذكر إصرار سمو الأمير، حفظه الله، على حضور القمة العربية التي استضافتها سورية في ظل المقاطعة العربية خصوصا الدول المؤثرة، لكن سموه حضر لإنجاح تلك القمة، هو دور مارسته الدبلوماسية الكويتية بشكل عام بعد العزلة التي تعرضت لها الجمهورية السورية.

القرارات التي خرج بها «اجتماع» الدوحة التشاوري، سواء الدعم المادي لأهالي غزة، أو حتى «تجميد» العلاقات مع إسرائيل وليس قطعها كما فعلت فنزويلا، كان من الممكن اتخاذها في قمة الكويت، لكن الكويت باتزان سياستها وعقلانية تعاملها مع قضايا المنطقة باتت تشكل حساسية لدى البعض على ما يبدو.

عموما لن يستطيع أحد أن يشوش على قمة الكويت أو يهمشها، فليدعُ من يشاء إلى أي اجتماع، أياً كان وقته وزمنه، وليحضر من يريد من الأشقاء العرب، وليقاطع من يقاطع، فهذا شأنهم، لكن غير المنطقي وغير المقبول، وما يثير الشبهات، هو تلك التحركات العربية التي تحاول إيجاد موطئ قدم للنظام الإيراني في القضايا العربية خصوصا ما يتعلق منها بوحدة الصف العربي، والخلافات العربية-العربية البحتة.