Ad

لسنوات طويلة، كانت الفوازير جزءاً أصيلاً من خصوصية شهر رمضان، الأمر الذي ساهم في نجاح نجومها وفي مقدمهم نيللي وشريهان، أبرز من قدمتا الفوازير على الرغم من ظهور أسماء أخرى خاضت التجربة، إلا أنها لم تحقق الانتشار والنجاح الذي نجحت في تحقيقه هاتان النجمتان، باستثناء سمير غانم الوحيد الذي أفلت من لعنة الفوازير وتمكَّن من رفع راياته على أرضها.

لماذا غابت نجمتا الاستعراض شريهان ونيللي؟ هل غيابهما قهراً أم اختياراً، لماذا لم تفرز الساحة الفنية أسماء أخرى قادرة على حمل الراية ومتابعة المشوار، هل تنقص مواهب تتحمس لهذا الفن؟ أم أن فشل كل من خاض التجربة بعد شريهان ونيللي كان سبباً في هروب الجميع؟

بعيداً عن النجوم الذين ترتبط بهم الفوازير، ماذا عن صانعيها من الإخراج، إلى التأليف...، هل انقرضوا أيضا، أم أنها باتت فناً قديماً لا يتحمس إلى تقديمه النجوم الجدد؟

عصر مختلف

قليلة هي التجارب التي أفلتت من قبضة شريهان ونيللي ونجحت في أن تكتب شهادة ميلادها، لعل في مقدمها فوازير «أبيض وأسود» التي عرضت في رمضان 1998 على إحدى الفضائيات، من بطولة الراحل علاء ولي الدين، أشرف عبد الباقي ومحمد هنيدي ومن إخراج سعيد حامد، وعلى الرغم من محدودية الجمهور، خصوصاً أن الفضائيات لم تكن حينذاك على هذا النحو من الانتشار، إلا أنها حققت نجاحاً كبيراً أجبر القنوات الأخرى على عرضها، وما زالت تعرض بين الحين والآخر. الغريب أن نجاحها لم يحمس مخرجها على إعادة تقديمها، يقول حامد: «لم أقرر مقاطعة الفوازير ولكنني لم أجد النص الذي يستهويني لخوض التجربة مرة أخرى، تعلقت فوازير {أبيض وأسود» بعالم السينما الذي أعشقه، ولم أتردد في إخراجها، بالإضافة إلى أنها كسرت الشكل التقليدي للفوازير ما لفت الأنظار اليها، كذلك أدى نجوم الكوميديا الشباب أدوار البطولة فيها رغم أنهم كانوا في بداية مشوارهم، إلا أن الموهبة الفطرية التي يتمتعون بها ساهمت في نجاح التجربة التي كانت خليطاً بين الكوميديا والاستعراض في صيغة مختلفة عن السائد والمتداول حينذاك».

يضيف حامد: «من الصعب تقديم الفوازير كالتي قدمتها شريهان أو نيللي نظراً إلى اختلاف العصر ومرور الزمن، لأن كل عصر له سماته وجمهوره، من ثم يجب على الفوازير أن تتطور وتأخذ شكلاً جديداً، وإن كانت ستظل دائماً للفوازير القديمة نكهتها الخاصة».

مقارنة ظالمة

ليست تجربة فوازير «أبيض وأسود» الأولى التي حلقت خارج السرب ولن تكون الأخيرة، على الرغم من اختفاء هذا اللون في السنوات الماضية، وهو ما تفسره الناقدة ماجدة خير الله بالمقارنة الظالمة التي يعقدها البعض دائماً مع فوازير نيللي وشريهان بوصفها النموذج الذي يجب أن تقدم في سياقه، مع أن كسر المألوف نجاح في حد ذاته.

أما الناقد طارق الشناوي فيربط بين اختفاء الفوازير في الفترة الأخيرة وبين انتشار الفضائيات الغنائية، التي أحدثت حالة من الشبع لدى الجمهور، بسبب الأغنيات والاستعراضات التي تقدمها، والتي كانت تقتصر على الفوازير وبعض الأعمال الفنية القليلة، ما يفسر اختفاءها مع إصرار البعض على تقديمها من دون تطوير، فأفقدت الجمهور الرغبة في متابعتها.

لا يشكل اختفاء الفوازير من على الشاشة الصغيرة قراراً نهائياً، بدليل أن بعض الجهات الإنتاجية يخوض التجربة بين الحين والآخر، لعل آخرها ما تردد حول قيام الفنانة سمية الخشاب ببطولتها بعد اعتذار نجمات كثيرات.

يقول المخرج أحمد البدري، صاحب تجربة مع الفوازير أدت بطولتها دينا وسعد الصغير: «من الصعب مقارنة الفوازير الآن بما قدم قديماً، نظراً إلى اختلاف الإمكانات وتطورها، يمكنك راهناً استخدام عناصر كثيرة تكون في صالح الفوازير مثل الخدع والغرافيك التي لم تتوافر في الفوازير القديمة، كذلك تم التطرق إلى مواضيعها من قبل نجمات عربيات مثل المذيعة الكويتية حليمة بولند، ما فتح الباب أمام أسماء جديدة وأفكار مختلفة.

تعتبر الفنانة لوسي أحد الأسماء التي رفعت راياتها في مجال الفوازير، تحكي عن تجربتها فتقول: «أرهقتني الفوازير وكانت بمثابة تحد كبير لي ولكل من خاض التجربة، فالمقارنة بين نيللي وشريهان واردة وحاضرة، لذا حرصت على الإعداد الجيد والحمد لله حققت نجاحاً، لكنني لا أفكر في إعادتها نظراً إلى الجهد الرهيب والتفرغ الكامل لها والفترة الزمنية الطويلة التي تستغرقها}.

من ناحيتها، أكدت الناقدة ماجدة موريس أن الفوازير كانت تعيش عصرها الذهبي مع نيللي ومن بعدها شريهان، وهما قدمتاها بكل ما تحمل من اكتمال، لذا حققت نجاحاً كبيراً، أما الآن ينقص الفوازير المكونات الأساسية للنجاح.

تضيف موريس: «تفتقر الفوازير راهناً إلى الابتكار وتقديم الأفكار الجديدة بذكاء وبشكل مبهر، إلى جانب توافر قيمة ما تقدم للجمهور».

تعتبر الفنانة نيللي كريم أحد الأسماء اللواتي خرجت من عباءة الفوازير، كذلك نادين وعلى الرغم من نجاح تجاربهما إلا أنهما لم تكررا التجربة مرة أخرى.

أما الفنانة الكبيرة نيللي، فتؤكد أنها تلقت في العامين الأخيرين الكثير من العروض ومن أكثر من قناة فضائية لتقدم الفوازير مرة أخرى، ومع قبولهم أية شروط تحددها وبالتحديد فريق العمل، لكنها رفضت العودة بسبب اقتناعها بأن المتاح فقد الكثير من رونقه ومذاقه الخاص، لهذا لن تخوض هذه التجربة مجدداً مكتفية بما سبق أن قدمت.