* لعلي لا أغالي إذا نوهت بأن إعلان الحكومة الرشيدة إجازة العيد الوطني وذكرى التحرير لمدة أربعة أيام مدفوعة الأجر كاملة غير منقوصة، هو بمنزلة المسمار الأخير الذي يُدقّ في نعش العيد الوطني رحمه الله وغفر له! ذلك أن الإجازة المذكورة هي دعوة تحريضية لكي يهجّ العباد من البلاد من دون أن يرف لهم جفن المواطنة وما تنطوي عليه من واجبات تجاه الوطن.

Ad

صحيح أن حقهم في الترويح ناقص حيناً، وغائب حيناً آخر، إلا أنه لا يبرر هجرة البلاد في الأعياد؛ والتي لا تكون كذلك سوى داخل الوطن، بمعية بقية المواطنين. وأخالهم ليسوا بحاجة إلى هذه الموعظة الثقيلة، وسيرغبون عنها، ربما لأن المواعظ في هذه الديرة مثل الرز وأكثر عدداً وحضوراً. الشاهد أن العيد الوطني تقزّم وتحجّم ولم يبق من نخمه الروحي الوجداني سوى الزبد و«الرغاوي» ولله الحمد!

* لقد ارتبط حضور العيد الوطني في الوجدان الجمعي الوطني الشعبي بإطلالة الاحتفالية الغنائية الموسيقية المسرحية لوزارة التربية، إلى درجة أن الاحتفالية كانت بمنزلة هلال السنة الغنائية الوطنية التي يغرد بها الفنان القدير الفذ «شادي الخليج» عراب العيد الوطني ومنشده الشادي بحب الوطن بتجلياته كافة، وبمعيته ابنته الروحية «سناء الخراز» فضلاً عن فرقة التلفزيون، ومجاميع المعلمين والطلاب من الجنسين، حيث يقدمون ملحمة غنائية وطنية يتبارى فيها المشاركون في التجويد والإتقان والتجاوز، فتجد أن كل احتفالية غنائية سنوية تتميز عن سابقتها، وتضيف إليها، وتتجاوزها شكلاً وموضوعاً.

ومن هنا تلاحظ أن جل الاحتفاليات الغنائية التي قدمت في العيد الوطني بمنأى عن وزارة التربية، لم تتمكن من مضاهاة إبداع حفل وزارة التربية، فضلاً عن أن تتجاوزه، كما هو مأمول ومفترض! وبات الحديث الذي يجتره بعض الفنانين بشأن استحواذ واحتكار «شادي الخليج» الاحتفاء بالعيد الوطني مجرد نميمة فارغة يبتلى بها الناجحون من أعداء النجاح المتكئ على الإعداد الطويل الذي يستغرق سنة كاملة.

* والحق أن الاحتفال بالعيد الوطني وذكرى التحرير: أصبح في السنوات الأخيرة مجرد طقوس شكلية، كأنها حاضرة لذر الرماد في عيون الأعياد ذاتها لتسجيل موقف «وطني» يدرأ العتب والقيل قال! والطامة الكبرى التي قصمت ظهر العيد الوطني تكمن في إقحام ما يسمى «هلا فبراير» الذي أفضى إلى خصخصة العيد الوطني لمصلحة شركة روتانا المجبولة على الاستحواذ والاحتكار. وكأن المناسبة الوطنية بمنزلة العيد الوطني لدولة روتانا المجيدة، وليس عيد الكويت الوطني! الأمر الذي أدى بالعيد إلى أن يكون مجرد حفل غنائي ساهر لنجوم وكواكب الغناء، المكبلين بـ«كلبشات» الاحتكار «الروتانية»، واستبعاد المطربين المتحررين من ربقة الاحتكار، ولو كانوا من أبناء الوطن! وقد آن الأوان لعودة العيد إلى حضن أمه: وزارة التربية.