بعد اتضاح القصور الذي شاب العملية الانتخابية الأخيرة ونتائجها المعلنة، لعلها فرصة مناسبة لتطوير القوانين والآليات التي تنظم الانتخابات وفض المنازعات فيها، إذا لم يحل البرلمان الحالي مبكراً، فإن الانتخابات القادمة في عام 2012 ستصادف ذكرى مرور نصف قرن على إصدار الدستور وإجراء أول انتخابات عامة لانتخاب المجلس التأسيسي، وهو زمن كافٍ لأي ديمقراطية لكي يتم تطوير قوانينها وآلياتها.

Ad

تعتري العملية الانتخابية في الكويت سلبيتان: الأولى هي أن الحكومة هي التي تدير الانتخابات التي تجري لتشكيل السلطة التشريعية التي من أحد أدوارها مراقبة أداء الحكومة، لذلك فإن للحكومة مصلحة مباشرة في نتيجة الانتخابات، ما يفقدها الاستقلالية والشفافية. أما السلبية الثانية فهي عدم مواكبة التطورات التي مرت بها العملية الانتخابية، كاتساع القاعدة الانتخابية بزيادة عدد السكان وحصول المرأة على حقها السياسي، وتغير توزيع الدوائر الانتخابية.

لقد حان الأوان لإنشاء هيئة عليا للانتخابات كما هو معمول به في الدول الديمقراطية المتقدمة، حيث تكون مستقلة وتعين إدارتها باتفاق السلطات الثلاث بدلاً من خضوعها المباشر لإحداها، وتكون دائمة بدلاً من تشكيل لجنة مؤقتة كلما نودي بالانتخابات، وتعتمد لها ميزانية مستقلة للقيام بمهماتها كتجهيز مقار الاقتراع وآلية التصويت والفرز وتوعية الناس وصرف أجور العاملين على إدارة الانتخابات بدلاً من انتظار القضاة ورجال الأمن لعدة أشهر دون استلام مكافآتهم. وتوكل إليها كل المهمات المتعلقة بالانتخابات، بدءاً من تسجيل الناخبين والمرشحين وتحديث الكشوف الانتخابية وصيانتها طوال العام بدلاً من قيام وزارة الداخلية بذلك، وإدارة عملية الاقتراع وتنظيمها وفرز الأصوات، وانتهاءً بإعلان النتائج النهائية ونشر تفاصيلها. كما تُعنى أيضاً بانتخابات الجمعيات والأندية ومؤسسات المجتمع المدني والشركات المساهمة، وبذلك تتوحد مرجعية إدارة الانتخابات في جهة واحدة بدلاً من تشتتها في مختلف الوزارات.

إن من الظلم لوم الحكومة على القصور في الانتخابات الأخيرة، ومن غير المنطقي تحميل القضاة مسؤولية الأخطاء في الاقتراع والفرز الذي استمر أكثر من يوم، فالعيب الأساسي في جمود القوانين والآليات التي تحكم العملية الانتخابية، وليس من يطبقها. كلنا مسؤول عن البطء في استيعاب التطورات التي طرأت على العملية الانتخابية وعدم مواكبتها، لذلك بدلاً من انتقاد الحكومة والقضاة والصراخ في الندوات، دعونا ندرس السلبيات ونعالجها بإنشاء هيئة عليا للانتخابات، فمهما حاولنا فإننا لن نستطيع إدارة انتخابات الغد بعقلية الأمس.

Dessert

المرشحان السابقان مبارك الوعلان وعبدالله العجمي يعلمان أنهما لم يحصلا على الأصوات الكافية للفوز بعضوية البرلمان، لذلك أرجو منهما قبول إرادة الناخبين والكف عن الإثارة الإعلامية والزج بمسند الإمارة في قضايا إجرائية كانت مؤسسات الدولة الدستورية كفيلة بحسمها. بحق الديمقراطية، اقبلوا بنتائجها.