ماذا سيحصل لو حُل المجلس حلا دستوريا مثلا؟ ألن يعود نفس النواب أو أغلبهم إلى البرلمان فنرجع لمشاهدة نفس المسرحية الهزلية؟ وماذا سيحصل لو حُل المجلس حلاً غير دستوري؟ ألن يدخل البلد في أتون أزمة وصراع سياسي وأمني الله أعلم بمداه وأبعاده في ظل هذه الظروف الإقليمية غير المستقرة؟

Ad

اتصل بي أحد الزملاء الإعلاميين من صحيفة زميلة يسألني عن جلسة «ثلاثة ثلاثة»، يقصد الثالث من مارس، وكونها ستكون جلسة حافلة بكثير من الأمور الملتهبة التي قد تؤدي إلى التأزيم الأكبر، وعن توقعاتي بمآلات الأمور، وهل ستنتهي إلى حل مجلس الأمة حلا دستورياً أو غير دستوري، أو ربما استقالة رئيس الوزراء؟!

أجبت الزميل بأن أحداث الأشهر السابقة علمتنا قاعدة بسيطة أساسية وهي: «توقع غير المتوقع»، وأن الواقع مفتوح على كل الاحتمالات، فقد رأينا كيف توقع الناس جميعا حل البرلمان، فانتهى الأمر باستقالة الحكومة، وكيف خرج وزير النفط السابق محمد العليم في التلفزيون يدافع عن مشروع الـ«داو» ويبين وقوف الحكومة بقوة خلف المشروع لنرى إلغاءه في الصباح التالي، وكيف وكيف، وعليه فالسؤال الأجدر بالطرح الآن ليس عن التوقعات بماذا سيحصل في تلك الجلسة أو ماذا سينتج عنها، فالأمر في النهاية مجرد أيام بسيطة، وسنرى جميعا ما سيحصل رأي العين، ولا داعي للخوض في التوقعات التي لن تغني ولن تسمن من جوع. السؤال الأجدر بالطرح هو: ماذا بعد؟

ماذا سيحصل لو حل المجلس حلا دستوريا مثلا؟ ألن يعود نفس النواب أو أغلبهم إلى البرلمان فنرجع لمشاهدة نفس المسرحية الهزلية؟ وماذا سيحصل لو حل المجلس حلا غير دستوري؟ ألن يدخل البلد في أتون أزمة وصراع سياسي وأمني الله أعلم بمداه وأبعاده في ظل هذه الظروف الإقليمية غير المستقرة؟ وماذا سيحصل لو استقال رئيس الوزراء فعلاً؟ ألن يأتي بعده من سيواجه نفس الظروف والمعايير الصعبة لاختيار الوزراء بحكم ما هو متاح، لينتهي إلى أن يجد نفسه في نفس خانة قلة الحيلة أمام هذا البرلمان الهزلي؟!

إذن فكل الاحتمالات القائمة، التي يستمتع بالبحث عنها زملاؤنا الصحافيون، ستقودنا إلى المربع رقم واحد، وسنعود مرة أخرى إلى بناء نفس الأزمات من الصفر، وستعود كرات الثلج تتدحرج من أعلى جبل جمود نظامنا السياسي وعجزه عن إدراك حقيقة أن المشكلة ليست في ملابسات الواقع، ولا في نفوس الناس وشخصانيتهم، ولا في مصداقية القوى السياسية، ولا في قوة رئيس الوزراء، ولا في ضعف وزرائه، إنما في حقيقة أن الدستور والآليات التي تقوم عليها سائر ممارساتنا السياسية قد صارت قاصرة عن الإحاطة بكل هذه التعقيدات!