هل تستكمل اللجنة الاستشارية العليا تطبيق الشريعة من دون استفتاء الشعب؟ أم تستكمل دور اللجنة الدخيلة بعد أن لفظها الشعب؟ وهل استكمال تطبيق الشريعة يعني هدم أدوات المجتمع المدني كافة، كالعمل التطوعي، والتعليم المستند إلى العلوم والآداب، والفنون، والتفكير المستقل؟.

Ad

تم إنشاء اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بمرسوم أميري عام 1991 بعد تحرير الكويت وفي غياب مجلس الأمة. وقد تضمنت المادة الثالثة لمرسوم الإنشاء أن «مدة عمل اللجنة سنتان تبدأ من تاريخ إنشائها ويجوز تمديدها»، وقد ألغيت هذه المادة بمرسوم آخر عام 1997 لتصبح لجنة دائمة. وتهدف اللجنة- بحسب المادة الثانية من مرسوم إنشائها- إلى «استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في دولة الكويت مع مراعاة واقع البلاد ومصالحها»!

وبناءً عليه فقد حددت اللجنة محوري عملها «بدراسة القوانين السارية في مختلف المجالات واقتراح ما تراه مناسباً بشأنها لضمان توافقها مع أحكام الشريعة الإسلامية»، و«تهيئة الأجواء، وذلك من خلال العمل على تكييف الواقع النفسي والسلوكي ليتجه الوجهة المرسومة له في الدين». ومنذ تأسيسها عام 1991 تراوحت إنجازات اللجنة، حسب تقريرها المرفوع إلى أمير البلاد، ما بين مشروع إلى مشروعين في كل عام، وذلك حتى عام 2000. وأهم هذه المشاريع تدريس مادة القرآن الكريم بالإضافة إلى مادة التربية الإسلامية في مراحل التعليم العام كلها. لمزيد من التفاصيل: http://sharea.gov.kw/index.php

والغريب أن الطابع العام للجنة كان معتدلاً إن لم يكن محايداً حتى فترة قريبة. وقد انتقد كثيرون ميزانية اللجنة ومصروفاتها مقابل إنجازاتها المتواضعة. في حين يُذكر لها وقوفها موقف العقل من مشروع الحدود أو العقوبات الشرعية الذي اقترحه أعضاء مجلس الأمة. وأقول غريب، مقارنة بالصحوة المفاجئة للجنة بعد سُبات زاد على السبع سنوات، وبالخط المتطرف الذي تتخذه مشاريعها الأخيرة في الوقت نفسه الذي توارت فيه اللجنة الدخيلة عن الأنظار.

بدأت اللجنة أخيراً تتمدد إلى خارج نطاق دورها وأهدافها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، مشروعها لتنظيم العمل التطوعي وتعديل قوانين التعليم العام والأهلي، وهو ما لا أفهم، حتى يومنا هذا، علاقته باستكمال تطبيق الشريعة. ومن ناحية أخرى بدأت خطوات «تطبيق الشريعة» تأخذ منحى متطرفاً وغير محايد والأمثلة على ذلك كثيرة لعل أشهرها ما تداولته الصحف أخيراً بشأن «تحديد الضوابط الإسلامية والشروط المناسبة واللازمة لمادة التربية البدنية»، وإلغاء تدريس الفلسفة أسوة «بالمملكة العربية السعودية وقطر»! ولكن هذه ليست المشاريع الوحيدة، بل يصل الأمر إلى منهج التربية الفنية والموسيقية وحتى أسلوب إدارة المدارس والدراسة.

هل تستكمل اللجنة تطبيق الشريعة من دون استفتاء الشعب؟ أم تستكمل دور اللجنة الدخيلة بعد أن لفظها الشعب؟ وهل استكمال تطبيق الشريعة يعني هدم أدوات المجتمع المدني كافة كالعمل التطوعي، والتعليم المستند إلى العلوم والآداب، والفنون، والتفكير المستقل؟

هذه اللجنة جاءت في فراغ دستوري وغياب برلماني، والآن تنتعش لتغطي على جرائم بعض أعضاء البرلمان ضد الديمقراطية وتعطي برامجهم شرعية أكبر... فهل يحق لنا أن نستنتج من ذلك أن الشريعة ضد الدستور وضد الديمقراطية؟.