احتار المحللون السياسيون في استيعاب شخصية الرجل الأسمر المنحدر من أصول أفريقية وطفولة أندونيسية، وتربى في كنف عائلة من جزيرة هاواي... ذلك الرجل الذي أحاط نفسه بفريق يحترف التكتيكات الانتخابية، والتصق بشخصيات اشتهرت بالحنكة التاريخية في الانتخايات الأميركية، وهو «أوباما».

Ad

تجاوز «باراك أوباما» عقدة المرشح الذي يصعب على الناخب الأميركي استيعاب أصوله المختلطة، وتخطى «باراك» حملات الدعاية السلبية التي شغلت الرأي العام بصوره باللباس الشعبي الأفريقي، وقرأ مزاج الناخب الأميركي مستندا إلى الإحصاءات الخاصة بالسلوكيات السياسية، وشوق الشعب الأميركي للتغيير، فقرر أن يكون شعاره «الدعوة للتغيير».

أقول ذلك بعد متابعتي قبل أيام، المؤتمر السنوي الذي تعقده الأحزاب المتنافسة أثناء السباق على مقعد الرئاسة، ليعلنوا من خلاله أسماء المرشحين لتولي منصب نائب الرئيس، ولم يكن مؤتمرا عاديا، إذ ارتكز مؤتمر الديمقراطيين على مفاجأة الحضور بظهور شخصيات مؤثرة أسعدت الجمهور وأبكته في الوقت نفسه، وأعني بذلك ظهور شخصيات حزبية ديمقراطية، أبرزها السياسي المخضرم عضو مجلس الشيوخ إدوارد كينيدي، على المنصة، رغم إصابته بسرطان الدماغ.

تحدث كينيدي عن دعمه للمرشح الرئاسي الأسمر، وأعاد الحضور بالذاكرة إلى حادث اغتيال أخيه، وتحدث عن القيادة ومواصفات القائد الماهر، ووعد بتسليم شعلة المثالية السياسية إلى أوباما، وأصر كينيدي على إلقاء الكلمة بنفسه بعد أن كان مخططا أن تظهر في شريط تسجيلي، وعلى الرغم من إصرار معلقي القنوات الإخبارية على تسمية ظهور كينيدي المسرحي بمفاجأة المؤتمر فإنني أعتقد أن المفاجأة هي المرأة السمراء، المحامية خريجة جامعة هارفارد، ميشيل أوباما التي أظهرت قدرتها على جذب الأنظار ومهارتها في الخطاب السياسي المرتجل، ومعلوماتها الغزيرة بالمحطات التاريخية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة والأقليات، والتي أثارت إعجاب الجمهور، وضجت لها القاعة بالتصفيق.

ميشيل قارئة جيدة لتاريخ أوباما في ترشحه، ولم تخجل من الحديث عن فشله في انتخابات شيكاغو، واتخاذه من الفشل حافزا للنجاح، فالسمراء المرشحة لمقعد السيدة الأولى، فاجأت الحضور بخطاب إنساني وعاطفي وتاريخي في آن واحد، ومع ذلك يبقى قرار الناخب هو سيد الموقف، ويبقى المتابع العربي في حيرة من أمره، فهل يؤيد إدارة تتخذ من الحروب سبيلا لتعزيز السلام والديمقراطية، أم إدارة تتخذ من البحث عن بدائل لنفط الشرق الأوسط منهجا، ولاعزاء لقضايا المواطن العربي؟!

***

ومن المشهد السياسي الأميركي إلى المناخ السياسي الكويتي الدافئ، حيث تطفو ثلاث قضايا على سطح الساحة السياسية: أولاها الدعوة لعدم المزايدة في مشروع المصفاة الرابعة، وأقول بعد متابعتي للموضوع، إن كنا قد غرقنا في فك التشابك البرلماني الحكومي في الرابعة، فكيف سنتعامل مع المصافي القادمة وأعني الخامسة والسادسة؟

القضية الثانية خاصة بالمكافآت الممنوحة، فلا يمكن مقارنة الموظفة التي تعمل في مؤسسة حكومية، واستلمت مكافأة التمييز الوظيفي، في العام الماضي، ومقدارها مئتا دينار، بالموظف الحكومي القليل الدوام والكثير الأعذار، الذي يعمل في وزارة أخرى، واستلم مكافأته السنوية وقيمتها ألف دينار... أعتقد وقبل انتشار مرض الإحباط الوظيفي أنه آن الأوان لوضع معايير لجميع الوزارات والهيئات حول المكافأت الممنوحة.

القضية الثالثة حول تدريس مادة «الدستور الكويتي» للمرحلة الثانوية... أعتقد، إن لم تخني الذاكرة، أن القرار اتخذ منذ عام 1993، ولكن مازلنا حتى اليوم نتحدث عن النوايا ونغفل عن التطبيق... أتمنى أن تضاف مادة الدستور إلى المناهج، فأبناؤنا بحاجة ماسة إلى دراسة مواد الدستور الكويتي، ومعرفة حقوقهم قبل بلوغهم سن الانتخاب.