الثائرة ذكرى الرشيدي!

نشر في 21-05-2009
آخر تحديث 21-05-2009 | 00:00
 حمد نايف العنزي عليك أن تكون من أبناء القبائل، وأن تكون قد ترعرعت وتشربت ثقافة الصحراء بحلوها ومرها، بخيرها وشرها، لتفهم وتدرك جيدا مدى سيطرة الموروث الاجتماعي غير المتقبل للمشاركة السياسية للمرأة هناك، ولتعرف قيمة ما أنجزته هذه المرأة الحديدية، ومقدار ما صنعته من تغيير في عقلية الناخبين في دائرتها.

ما قامت هذه المرأة هو بلا مبالغة ثورة بكل ما تعنيه الكلمة من معان، ثورة على المفاهيم والتقاليد والأعراف البالية... قادتها باقتدار وإرادة صخرية يفتقدها الكثير من الرجال، وبثقة في النفس لا مثيل لها!

أطلقوا عليها، غير مبالغين، العديد من الألقاب «البطلة»... «الثائرة»... «المرأة الحديدية»... «هيلاري كلينتون الكويت»... «جان دارك»، والحقيقة أن ما قامت به يستحق هذه الألقاب وأكثر!

فأن تتمكن بنت القبيلة «ذكرى عايد الرشيدي»، وهي تخوض الانتخابات منفردة وحيدة دون عون مادي أو معنوي من أحد- حسب معلوماتي- ضد قوائم رجالية لها باع طويل في الممارسة السياسية، من حصد 6635 صوتا يشكلون ما نسبته %7 من مجمل الأصوات، في دائرة منغلقة على نفسها لأقصى الحدود، ويتمسك السواد الأعظم من أبنائها بأعراف وتقاليد ترفضان رفضا قاطعا مشاركة المرأة في أي نشاط سياسي، بل يعتبر بعضهم وصول امرأة من القبيلة إلى البرلمان عارا ينبغي مقاومته ومنع حدوثه، هو إنجاز كبير يفوق إنجاز أخواتها الأخريات، اللواتي كن أسعد حظا منها واستطعن الوصول إلى المقعد النيابي، لخوضهن الانتخابات في دوائر أرحم بكثير من دائرتها الرهيبة.

نعم... لم تنجح ذكرى في هذه الجولة، وربما لن تنجح في الجولة القادمة، لكنها بالتأكيد نجحت في وصولها إلى قلوب الناخبين في كل الدوائر الانتخابية، وكسبت تعاطفهم معها، حتى تمنى كثير منهم لو أنها ترشحت في دوائرهم ليمنحوها أصواتهم المؤيدة، ويعبروا لها عن تقديرهم لما قامت به من ثورة لكسر تقاليد وأعراف مغبرة في القدم عفى عليها الزمن، واحترامهم لشجاعتها في مواجهة كل رافض لحقها في المساهمة ببناء مستقبل الوطن كما يفعل الرجال.

من كانت ستمتلك هذه الشجاعة الفريدة لتنجز ما أنجزتيه سواها، لقد قدمت ذكرى درسا للجميع في الثقة بالنفس والإصرار والعزيمة على تحقيق الهدف، وهي تواجه وحدها نتاج الانتخابات الفرعية، ومن تفرع «وتفرعن» منها، رأيناها وهي تثير الخوف في قلوبهم، نعم... لقد كانت معركة كسر عظم غير عادلة... لكنني مع هذا كله، أؤكد لها، بأنها قد انتصرت عليهم جميعا!

كلنا فخورون بما صنعته، وكلنا اعتبرناها فائزة بهذه الانتخابات منذ اللحظة التي تحدت فيها الجميع، بمفردها، غير مدعومة من قبيلة أو تجمع أو تكتل، ووقفت وحدها شامخة في مواجهة مجتمع يتحيز عن بكرة أبيه للرجل، تكسر الحاجز تلو الآخر أمام الأخريات من بني جنسها في المستقبل القريب.

تحية تقدير واحترام لذكرى ولأهلها الكرام، لأبيها، ولإخوتها الرجال الأبطال الذين ساندوها بكل عزم، والذين امتلكوا الرجولة الحقة، والثقة بالنفس، والصلابة في مواجهة عقليات متخلفة وعادات عتيقة متحجرة، واعذرينا يا أختنا، فقد خذلتك أقلامنا حين يئست من فوزك ولم تساندك ولو حتى بكلمة تشجيع واحدة، وقد كنت الأحق والأجدر بأن نقف معها ونساندها بكل قوة وثبات.

ستبقين أيتها الذكرى في ذاكرة الكويتيين دائما، وستخلدك صفحات التاريخ كثائرة، ومناضلة، ومحاربة لكل الأفكار البالية القديمة التي عفى عليها الزمن... كل زمن... إلا زمننا نحن وحدنا!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top