صخلة... بأربعين ألف دينار!

نشر في 18-11-2008
آخر تحديث 18-11-2008 | 00:00
 حمد نايف العنزي لم يكتف الناس بتنظيم مسابقة ملكة جمال العالم، فنظموا مسابقة لأجمل كلب، وأجمل قط، وراح كل منهم يتفنن بتسريح شعر الكلب والقط، وإلباسهما اللباس الذي يليق بجمالهما ودلالهما!

وأراد بعض الإخوة في الكويت والخليج- رعاهم الله- أن يقلدوهم، فنظموا مسابقة «مزايين الإبل» و«مزايين الماعز» و«مزايين النعاج»!

الناس أذواق كما تعرفون، وأحرار في تنظيمهم لمثل هذه المسابقات، وإن كنت أرى أن الغزال والحصان قد ظلما في هذا الأمر، لأن الناقة والصخلة والنعجة، كانت ولاتزال، مضرب المثل في «الجكر»، ولو «تمقل» أحدنا في وجوهها عشر ساعات، لما وجد فيها لمحة جمال واحدة!

مع هذا، مازلت أتذكر وجه أحد الأصدقاء وهو يعدد لي مقاييس الجمال عند الناقة «بيضاء، وبرها ناعم، شفتها متدلية، رقبتها طويلة، أرجلها رشيقة»، كان يتحدث بحماس غريب، حتى حسبته يصف لي نانسي عجرم لا السيدة «ناقة»! قبل أيام، وعلى إحدى الفضائيات، قال أحد عشاق «مزايين الماعز» وهو يحتضن إحداها: اشتريتها أخيرا بنصف مليون درهم! وعلى استعداد لدفع أكثر من هذا المبلغ من أجل عيون أي «مزيونة» أخرى! «الجنون فنون» كما تعلمون، والمصريون يقولون «اللي عنده جنية محيره... يشتري حمام ويطيره»، هي فلوسه وهو حر فيها، وإن شاء الله يحرقها «كيفه»! لكن ليتذكر قبل ذلك، أن مبلغا كهذا يكفي لسداد مصاريف الدراسة لعشرين طالب «بدون» على الأقل، ويكفي لابتعاث 6 مرضى للعلاج في الخارج، ويكفي لستر وإطعام 20 أسرة متعففة مدة عام، ويكفي رواتب شهر كامل لـ1200 عامل تنظيف!

سؤالي يحيرني، لكنني أحسبه منطقي: بالله عليكم، ما الذي ستقدمه «صخلة» قيمتها نصف مليون درهم لمجنون يشتريها، سوى نشيد «بااااء... بااااء» الشهير؟!

***

كتب الزميل عبدالله النجار قبل مدة عن أسماء غريبة لا معنى لها تطلق على الشوارع والمدارس، فاستغرب وجود شارع بخيطان اسمه «شارع مازن»! وتساءل من يكون «مازن» هذا وما إنجازاته ليطلق اسمه على شارع؟! ولا أعلم حقيقة، إن كان الزميل قد حصل على إجابات لتساؤلاته «المشروعة»، لكنني تذكرته بالأمس حين اكتشفت أن لدينا مدرسة ابتدائية في منطقة عبدالله المبارك اسمها «مدرسة الضلع»!!

أي والله يا إخوان «الضلع»! لا أدري... إن كان هناك خطأ مطبعي في الأمر، فقد يكون اسمها الحقيقي «مدرسة الضبع» مثلا، أو ربما سقطت كلمة سهوا واسمها الفعلي هو «الضلع الأعوج»، لكن هذا غير ممكن، فالضلع الأعوج للإناث، وهذه مدرسة للبنين!

الأسماء بـ«بلاش» يا وزارة التربية، وتاريخ شعبنا حافل بالأسماء العظيمة في كل مجال، فاستبدلوا «الضلع» وضعوا اسم أحدهم مكانه، أو وضحوا لنا من يكون هذا «الضلع» على الأقل!

***

إن أردت أن تزيد مبيعات أي كتاب، فما عليك سوى أن تمنع تداوله بين الناس، وبذلك، تكون قد عملت له دعاية ممتازة ومجانية، فكل ممنوع مرغوب، وكل محجوب مطلوب، والناس فضوليون بطبعهم، وسيسعون للحصول على كل كتاب تمنعه الرقابة وبأي شكل من الأشكال، ظناً منهم، أنه ما منع إلا لأنه يحتوي على كلام خطير!

الأمور أصبحت الآن «سهالات» في زمن الإنترنت، وما يقوم به الإخوة في وزارة الإعلام من تشديد للرقابة على الكتب في معرض الكتاب، ومنع الكثير منها، أمر مثير للشفقة وللسخرية في الوقت نفسه، ولن يجدي أبدا، بل ستكون نتائجه عكسية، لأنه سيساهم في زيادة الطلب على هذه الكتب من خلال شرائها عبر الإنترنت، أو إنزالها من بعض المواقع والحصول عليها مجاناً!

فمتى سيدرك «الرقابيون» أننا نعيش اليوم في زمن الخيارات المتعددة، وأن الأمر قد خرج عن نطاق السيطرة منذ زمن بعيد، وأن أي كاتب يتمنى أن يستمروا بمنع كتابه للأبد، ليزيد من توزيعه، وليطبعه طبعات أخرى متتالية!

***

إذا كثر الجهل في أمة كثرت فتن أهلها، وتساقطوا في أبسط اختبار للطائفية، وأطلت الكراهية تنفث بينهم سمومها، وسواء كان سبب الفتنة تأبيناً أو دخول رجل دين مغضوب عليه أو خلاف ذلك، فالعلة أولا وأخيراً في ضيق النفوس وسذاجة العقول والمقت الدائم للآخر، ولذلك، لن تنتهي فتننا، فسخافتنا وتفاهتنا ستثيرها كل مرة!

***

شكراً من الأعماق، نقولها لكل شبان وشابات «صوت الكويت» الذين قاموا بتنظيم احتفالية الدستور، والذين أحيوا فينا الأمل بمستقبل أفضل لهذا الوطن، بوجود جيل يفهم ويعي أهمية الدستور في حياتنا ومستقبلنا، وشكراً لكل من وقف خلفهم ودعمهم مادياً ومعنوياً.

back to top