ما معنى الوحدة الوطنية ؟
هل لكلمة الوحدة الوطنية معنى متماسك في ظل العيش في نظام ديمقراطي يحرّض ويشجّع على فكرة التنوع والاختلاف ضمن نظام سياسي نقبله ويكون مرجعاً لجميع اللاعبين؟
أول العمود: اشتريت رغوة لأحتفل!*** نسمع بهذا المصطلح دوماً، وهو من أشهر كلمات القاموس السياسي لدينا، وربما سجلت براءة اختراعه للأجهزة الحكومية، فالشعب مطالب بأن يكون في حالة وحدة وطنية متى ما ألمّت بنا مصيبة أو مشكلة، وفي هذه الحالات يكون منبوذاً من يشوّش برأي يخرج عن «الإجماع» الذي تفرضه الوحدة الوطنية، أو روح الأسرة الواحدة، وهي كلمات لا معنى لها إذا ما ارتضينا العيش في نظام ديمقراطي يحرض على الاجتهاد ومقارعة الفكرة بالفكرة.جميل أن نناقش هذه المُثُل والمعاني ونحن نعيش أعياد الوطن بين تحرير واستقلال، وفي الحقيقة أن تعويم مثل هذه الكلمات لا يجد صدى قويا مع الوعي السياسي الذي وصل إليه الشعب الكويتي، ولو سئل اثنان عن تعريف الوحدة الوطنية لوجدنا اختلافا كبيرا في إجاباتهما، وأجد أن الفرق شاسع بين مفرداتنا ومفردات المجتمعات الأخرى التي سبقتنا في التطور على أكثر من صعيد.فن الاختلاف وتنوع الاجتهادات في وقت الرخاء والأزمات، لا فرق، هما اللذان يخلقان حب الوطن ويغرسانه بين أفراد الشعب، في حين يجري استخدام كلمة الوحدة عندنا «عالطالع والنازل»، وفي أحيان كثيرة لرغبة في تكميم الأفواه، ويبرز مثال بحث أسباب الغزو العراقي على دولة الكويت كأحد النماذج، حيث تحولت المطالب بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية إلى لجنة تقصي حقائق بداية التسعينيات، وشتان ما بين الاثنتين! نعم شتان بين أن نشكل لجان تحقيق لبحث قضايا اقتصادية أو اجتماعية، ونترك سرقة وطن للجنة تقصي حقائق بحجة متطلبات الوحدة الوطنية!يجب تشجيع ثقافة الاختلاف وإبداء الرأي في أحلك الظروف وأيسرها، فتلك هي الوسيلة التي تخلق بين الناس قيمة سياسية يتمسك بها الجميع، وهي حب المشاركة، ومادام هناك نظام سياسي وتشريعي يحفظ حق الناس والوطن ويقبله الجميع فلا داعي للتخويف بالوحدة الوطنية كأسبقية على حرية التعبير، فهي تأتي كنتيجة لمبدأ المشاركة في الرأي والإدارة، وهذا هو المغذي الرئيسي لحب الوطن والمحافظة على نظامه.