الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 2
قام رجال الهيئة بمداهمة منزل يقام فيه حفل بعدما أبلغهم الجيران بانزعاجهم من الموسيقى الصاخبة والضوضاء المنبعثة منه، وقد وجدوا مجموعة من الرجال والنساء يتراقصون على أنغام الموسيقى وبينهم مجموعة من المثليين واقتادوا الجميع إلى التحقيق.
واستغاث شاب برجال الهيئة للخلاص من سيدة حاولت ابتزازه عن طريق نشر صورته على الإنترنت، وكان الشاب على علاقة بالسيدة وأرسل إليها صورته «عارياً»، وعندما أراد قطع العلاقة معها استعداداً للزواج من أخرى هددته السيدة بنشر صورته، فتوجه إلى رجال الهيئة طالبا حمايته منها ومنعها من نشر صورته. بدأت المقال بذكر حادثتين مما يراه بعضهم مبرراً لوجود الهيئة وضرورة من ضرورات إنشائها ولا خلاف بين الجميع أن حماية الأخلاق والدين، هو واجب المجتمع كله، وأيضا لا خلاف على رفض الجميع لمثل هذه الحالات البعيدة عن القيم والأخلاق سواء وجود مثليين في حفل راقص صاخب وما يصاحبه من تصرفات شاذة، أو علاقة آثمة بين شاب وسيدة وما انتهت إليه، فتلك كلها أمور مرفوضة تماماً. ولكن السؤال: ألا يعتبر ما قامت به الهيئة هو واجب أساسي، بل هو دور ووظيفة الشرطة الأمنية وطبيعة عملها؟! أليس من حق أي مواطن إبلاغ الشرطة عن إزعاج جيرانه له؟ ألا تعتبر محاولة الابتزاز جريمة يعاقب عليها القانون وتقوم الشرطة بضبطها والتحقيق فيها؟ إن قيام الهيئة بدورها كما يعتقد بعضهم هو في ذاته اعتداء على واجبات ودور مؤسسة أخرى منوط بها حماية الأفراد والممتلكات من كل ما يلحق بها من أذى وضرر فهذا دور الشرطة وواجبها الطبيعي وقيام الهيئة بذلك هو اختلاق دور ليس لها، والقيام بأعمال من واجبات غيرها. وتصديقاً لما أقول فقد ذكرت الأنباء بالأمس قيام الشرطة -وليس رجال الهيئة- باعتقال مؤذن بنغالي في أحد مساجد الرياض لاستغلاله منزله في أعمال منافية للآداب. ولكن لماذا؟ فإذا كان هذا أصلاً دور الشرطة وواجبها فلماذا تقوم به الهيئة؟ والجواب ببساطة: إن قيام الهيئة بدور ما نيابة عن غيرها هو جواز مرورها للقيام بما لا يحق لها، فما ذكرناه من حوادث في هذا المقال هو تبرير -في نظر بعضهم- لسلوكها المرفوض من الجميع في حوادث المقال السابق. إذا اتفقنا أن ما ذكرناه في المقال السابق مرفوض ولا يقبله أحد ولم يأمر به الإسلام وما ذكرناه اليوم هو في الأساس واجب جهاز الشرطة ودوره، فماذا يتبقى للهيئة للقيام به؟! في الحقيقة، لا يوجد دور محدد لها لأنها في الأساس لا وجود لها، ولا ضرورة دينية -كما ذكر الشيخ الشعراوي- ولمَن يريد فليذكر لي كم هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر الرسول الكريم بإنشائها أو أقر بوجودها؟ كم هيئة تكونت في عهد الصحابة والخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم جميعا؟ والغريب أن شيوخ الهيئة الآن يحرمون -مثلاً- الاحتفال بالمولد النبوي لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، لم يحتفل به ولا الصحابة، بينما وجودهم في ذاته لم يكن موجوداً لا في عهد الرسول ولا الصحابة ولا في صدر الإسلام وعصر نهضته وقوته... فأي مفارقة تلك!