هل الديمقراطية مشكلتنا؟
العلة ليست في الديمقراطية، علّتنا في غياب القيادة وسوء الإدارة، مشكلتنا ليست في وجود مجلس للأمة أو سلطة تشريعية شعبية، المشكلة في طبيعة النواب وأجنداتهم الخاصة.هل مشكلتنا في الكويت هي محاولاتنا البائسة لنكون دولة ديمقراطية؟ وهل الدستور هو الذي سبب تراجعنا في ظل تقدم وتطور الدول المحيطة بنا؟ وهل البرلمان هو حجر العثرة في وجه التطور؟ في النهاية ها هي الإمارات تتقدمنا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا من دون أن يكون لها برلمان أو أي شكل من أشكال التمثيل الشعبي. والمملكة العربية السعودية تسير بخطى حثيثة باتجاه الانفتاح الاجتماعي والاستقلال الاقتصادي من دون ديمقراطية أو مشاركة في الحكم. نعم هنالك الفساد والكثير من المشاكل والقضايا الاجتماعية ولكن هل حمتنا ديمقراطيتنا من ذلك؟
أتساءل بعد قراءة برقية وزير الديوان الأميري الأسبق خالد الأحمد الجابر الصباح حسبما نشرت في صحيفة الآن الإلكترونية 3/9/ 2008م، وبالذات الجمل هذه: «النظام من اختار الديمقراطية منهجاً لحياته، ولكن الديمقراطية والحرية التي لن يتوفر بها الأمن والأمان لا حاجة لنا بها، لأن هناك من استغل الحرية والديمقراطية بالسير بها في الاتجاه الخاطئ، باسم الديمقراطية سرقوا البلد، واستولوا على أملاك الدولة، باسم الحرية تطاولوا على الغير لأنهم هم الشرفاء وغيرهم خائن ومرتش، وكأن الناس ليس لهم كرامة!». وقد نتقبل هذا الربط بين تردي الأوضاع والديمقراطية من رجل الشارع البسيط الذي لا يعي خافي الأمور، ولكنه غير مفهوم ولا مقبول من شخصية عامة تقلدت مواقع قيادية حساسة، وعلى اطلاع كامل على ما يحدث خلف الكواليس حسبما ذكر في نفس الرسالة (مثال تواطؤ «بعض أفراد من الحكومة والنظام وأعضاء مجلس الأمة وأصحاب الشركات» والصراعات الداخلية بين أقطاب الأسرة الحاكمة التي تصدرت الصحف وجدران «الإسطبلات»، وكيف «صارت الكويت كعكة لبعض الأفراد من النظام لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة»).والدليل في تاريخنا الحديث، فقد كانت كويتنا في أفضل أحوالها السياسية والاقتصادية والاجتماعية في ظل مجالس الأمة المتعاقبة في الستينيات والسبعينيات حين كانت الكويت درة الخليج، وفي أوج ازدهار العملية الديمقراطية والحريات. العلة ليست في الديمقراطية، علّتنا في غياب القيادة وسوء الإدارة -وهو ما حاولت الرسالة إيصاله على ما أعتقد- مشكلتنا ليست في وجود مجلس للأمة أو سلطة تشريعية شعبية، المشكلة في طبيعة النواب وأجنداتهم الخاصة. مصيبتنا ليست «الطابور الخامس» أو «عصابات البدون في الصحافة» كما تشير البرقية/الرسالة، المصيبة هي خيارات الشعب التي هي نتاج عقود من التعليم المسيّس والتربية المعوقة. الخلل ليس في ضياع «هيبة الحكم وكرامة الأسرة» إنما في ضياع هيبة القانون وكرامة الإنسان.بلوانا ليست بشخص معين إنما البلوى الكبرى مرض «التحلطم» والتذمر والشكوى من دون تحمل لمسؤولية أي جزء من سوء الأحوال، ومن دون أي مجهود يذكر للتغيير... مرضنا التواكل وانتظار من ينتشلنا من الضياع متناسين قوله تعالى «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»!