فتحت وسائل الإعلام المرئي الباب على مصراعيه للحديث المرسل المفتوح من دون قيود خاصة بوجود محاور مستفز أو باحث عن الإثارة. والحقيقة أن الجميع يقع في الفخ دون وعي أحيانا أو دون تحسب للمفردات ودلالاتها عند الناس أو عند مراقبي الانتخابات.
نحن شعوب لا نجيد الكلام على الهواء، وتغلب علينا العصبية والتفاخر أمام الناس بالصراحة مرة والوقاحة بعض الأحيان دون أن نميَّز الفرق بينهما. حين يتحدث المرشح فإنه ينسى نفسه وينسى أنه أمام كاميرا مفتوحة أمام كل الناس ليس داخل الكويت فحسب، إنما على مستوى بث الفضائية التي قد يصل إلى أقصى المعمورة. كل ما يشغل باله أن جماعته و»رَبع» الديوانية يستمعون إليه، وأنه سيسمع مديحهم لجرأته حين يعود إليهم، وأن أبناءه سيسجلون حديثه ويزيد احترامهم له، وأن الناس ستتحدث عن أنه النجم الجديد الذي سيغطي صوته على كل الأصوات القوية المعروفة في مجالس الأمة السابقة.للأسف... إننا أمام ظاهرة سيئة ومرشحين لا يعرفون للكلمة وزناً ويفتقرون إلى أدب الحديث وأصول المخاطبة ولا يقدرون خطورة ما يقولون وتأثير كلامهم على بقية المرشحين والناخبين. ويزيد من سوء هذه الظاهرة أن هناك تعمداً ودعماً للمزيد من الملاسنة والتجريح من محاوري هؤلاء بناء على أجندة مكشوفة تعكس خلافات بين أقطاب تتحول إلى محاولة للتخريب على حساب الوطن والديمقراطية والوحدة الوطنية. إن ما تفعله بعض الفضائيات لا يندرج تحت عناوين حرية التعبير، خصوصاً وهم (المحاورون) يشاهدون تأثير حثهم على الملاسنة وتحقير الآخرين وكسب المشاهدين على حساب الحقيقة وسمعة الوطن. لقد ظهر أن بعض المحاورين تفوق على قاسم «الجزيرة».لو التزمت هذه المحطات بخط وطني بحيث لا تتيح أي فرصة للإهانة والتجريح والإسفاف والخروج على الدستور وأصول المنافسة الشريفة، فإن المحطة وأصحابها سيلقون الاحترام من الناس وسنعطي للآخرين تجربة زاهية عن الديمقراطية في الكويت.لو دارت الحوارات بصوت هادئ وتم انتقاد الحكومة وأداء مجلس الأمة بحقائق مسندة بالأرقام وبروح الإصلاح وليس الهدم، فإننا سنجد الناخب يتوجه إلى صناديق الاقتراع وهو يعرف مَن سيخدم الكويت ومَن يسعى لحمايتها وتنميتها.هناك أيضا درجة من الدجل والنفاق في طرح بعض المرشحين، فمثلاً يردد عدد من النواب السابقين نقدهم لأداء مجلس الامة ويُحمِّلون الآخرين تبعة التجاوزات وسوء الخطاب، بينما هم الذين أخطؤوا، وهم من أساء إلى هيبة ومكانة المجلس وفرط في أهداف الأمة مقابل البروز وعرض العضلات.إنني مازلت آمل بتغيير جذري في شخصيات ونوعيات النواب القادمين وأن يكون خيار الشعب درساً لمن لم يعتبر، ورداً قوياً لمن أراد الفشل للديمقراطية وحكم الدستور.
مقالات
داحس والغبراء
20-04-2009