آخر وطن: لا تعتذر عما فعلت!
يحاولون تقييدك؟!
تمرد على سلاسلهم الواهنة... لا تضعف... كن حرا كماء النهر... مارس غوايتك التي تشتهي... اتبع خطوات قلبك ولا تحط الرحال بحضن... لا تحاول أن تثني قلبك عن الطيران، مهما فعلوا، يفتشون جيوب عواطفك؟!... يمارسون التصنت على همس «مزنك» اليافع، وغيمك الذي لم يولد بعد؟! يدفعون ثمنا باهضاً وربما قذرا لقاء الوشاية بنبضك؟! لا تنشغل بالوشاية ولا الواشي ولا حتى الثمن! يمارسون كل أنواع الدناءة ليضبطوك متلبسا بـ الحب؟! لا تنكسر، ولا تهن، ولا تتوقف، تابع مسيرتك كنهر عظيم، يشق اليابسة، يتخطى الصخور، وعندما تسقط من الهاوية، لا تنسى أن تمارس «سقوطك» بكل جمال ورهبة كـ شلال!!... وأبداً... لا تتوقف... يحاولون - بكل ما أوتوا من ضعف - امتطاء صهوتك، ولجمك، أو حتى تغيير مسارك؟! لا تتوقف، ولا تصب بغير البحار والمحيطات، موطنك، حيث يمتزج الماء بالماء، يحاولون أن يثنوك عن خطاياك القدسيّة بموعظة «غير حسنة»؟! لا تتعظ، أكمل مشوار خطاياك اللذيذة عبر الصحاري والوهاد، وزّع خُضرتك الباهية على المساحات المتسولة من بقاع الأرض، لا تبخل على هذه الأراضي الفقيرة ببعض كسوة للربيع، ولا على الزهور الآيلة للجفاف ببعض حياة، ولا على عابري السبيل بما يُذهب الظمأ! لا تكُفّ عن المرور بكل الحقول، هَبْها الفرح، وتقبّل ما تهديه لك من عطور، وفراشات تبارك مسيرتك، وعسل يغذيك بالخلود، يحاولون تشويه مراياك الجميلة بإلقاء قاذوراتهم، ونفاياتهم على وجهك؟! لا تحفل بذلك ولا يزعجك ما يفعلون، وتذكّر أنك ستبقى أبد الدهر ماء صالحا للوضوء... أُترك وصاياك النبيلة المحرضة على الحب أينما حللت، واترك بعضا من أغانيك المزهرة حيثما وطئت، دع الأطفال يغسلون وجوههم بمائك لتعود البراءة إليها، والنساء يتعرّين على ضفتيك، ويلبسونك فساتين من ألق، كالنهر أنت... لا تترك قصرا فاخرا، ولا كوخا بائسا إلا وغمرته بفضلك، ولا تترك خفقة قلب جافة إلا وغمرتها بنعيمك، ولا قصبة سكر جائعة إلا وأطعمتها الحلوى! أما هم، هؤلاء الذين يحاولون تكبيل قلبك، فلهم أن يختاروا، إما أن يصالحوا مسيرتك ويتمتعوا كغيرهم بما تَهِب، أو أن ينشغلوا بمحاولة اصطيادك ووضعك في آنية من زجاج، مهما كبر حجمها لن تسعك، ولن تُرضي مشيئتك، لهم أن يكونوا أسماكا تتنفس في أعماقك وعلى سطحك، وتمارس حياتها الطبيعية في مجراك، أو علبا فارغة تقذفها بعد حين على اليابسة، أو تستقر في قاعك ليأكلها الصدأ. وفي كل الأحوال لا تستسلم، وأَعْلَم يقينا أنك لن...! ولا تسلّم مفاتيح حريتك لأحد، ولا تجعل من أحد حارسا على أبواب جمالك، والأهم من كل ذلك «لا تعتذر عما فعلت»، بل اعتذر عما لم تفعل اعتذر من كل الزهور التي لم يتسن لك الوقت لريّها، وكل الواحات الجميلة التي لم يقع قلبك عليها، وكل الأسماك التي لم تحتمل عذوبتك، وكل الشفاه الناشفة التي نادتك صمتا ولم تسمع، وكل القصائد التي لم تكتمل لضيق العمر!