موظف متمارض وطبيب مزور
النظرة السائدة للوظيفة الحكومية سيئة للغاية، وتحتاج إلى تغيير في المفاهيم، ومن دون محاسبة ومساءلة وخلق فرص وظيفية حقيقية ستستمر لدينا ظاهرة الموظف المتمارض والطبيب غير المسؤول.تطالعنا الصحف بشكل دوري عن الأعداد المهولة للإجازات المرضية التي يمنحها الأطباء إلى موظفي الدولة، وفي أربع وزارات فقط هي الخارجية والإعلام والداخلية والدفاع بلغ عدد الإجازات المرضية لموظفيها 63 ألفا وبتكلفة مليونين ونصف المليون دينار، كما نشر يوم أمس.
وحقيقة أن جزءاً وليس هذه الإجازات كلها، يعد من قبيل التمارض، وهو نوع من ممارسة الغش والخداع على الدولة يتم بتواطؤ طرفين؛ طبيب نكث بالقسم، وموظف باع ضميره واستلم أجر تلك الأيام ليطعمها أهله وأبناءه. ويبدو أن الجهاز الإداري يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الظاهرة التي تنم عن نظرة موظفين كثر لمعنى الوظيفة العامة وهيبتها التي ضاعت بسبب الاستهتار بمصالح الدولة والناس إضافة إلى ضعف المحاسبة والرقابة الإداريتين.والمثير للتندر أن ديوان الخدمة المدنية يخرج أحيانا بتصريحات تسبق بعض الإجازات الرسمية التي تأتي في بداية الأسبوع أو آخره لتنذر الموظفين بأنهم تحت الرقابة والتشدد في عدم قبول المرضيات... وفي النهاية تكون النتيجة كما نشرتها الصحف يوم أمس!هناك مشكلة واضحة في هذا الأمر، وهي أن التوظيف في المؤسسات الحكومية غير مرتبط بسياسات وتخطيط لهما صلة بالتنمية، فالوظيفة الحكومية تُفهم على أنها فعل ريعي «يعتاش» الناس من ورائها، وهي تحصيل حاصل وحق مكتسب لاجدال فيه، ولذلك يشكو بعض الموظفين من عدم وجود عمل حقيقي يقوم به في أماكن عمله، وهو من مظاهر مرض الواسطة في التوظيف، المعطل الحقيقي لأي تطور للبلاد.النظرة السائدة للوظيفة الحكومية سيئة للغاية، وتحتاج إلى تغيير في المفاهيم، ومن دون محاسبة ومساءلة وخلق فرص وظيفية حقيقية ستستمر لدينا ظاهرة الموظف المتمارض والطبيب غير المسؤول.