من المفترض ألّا يعترض أحد على عمل اللجنة العليا لإزالة التعديات الواقعة على أملاك الدولة والمظاهر غير المرخصة، لأنها تقوم بإزالة «التعديات»... أكرر التعديات... على أملاك الدولة وتطبق القانون الذي ننادي جميعنا باحترامه. وإذا كان هنالك مقترحات تتعلق بإعادة «تنظيم» التعديات، فإن لجنة الإزالة ليس لها دخل فيها... فهذه المقترحات تبحثها الحكومة وتتفاهم بشأنها مع مجلس الأمة. ولكن ولأن الحكومة ومجلس الأمة لهما سوابق في «تقنين» المخالفات وجعلها أمرا واقعا، فإن الناس تلقي باللوم على لجنة الإزالة لقيامها بعملها الذي نص عليه قرار إنشائها، كما يطالبون السلطتين بإعادة «تنظيم» التعديات على أملاك الدولة!
من ناحية أخرى، فإن الخطاب البرلماني «الانتخابي» والسياسة الحكومية القاصرة صورتا الأمر وكأنه إزالة لدواوين المواطنين، وهذا مجاف للحقيقة لأن الإزالة هي للمخالفات والتعديات على أملاك الدولة أو هكذا يجب أن تكون وليست للديوانيات.من هنا فقد كان عرض زجاجات الخمر التي وجدتها فرق الإزالة في أحد جولاتها، محاولة بائسة من الحكومة لتبرير ما تقوم به من تطبيق للقانون ولتبين أن التعديات تستخدم لأغراض غير قانونية، وهذا يدل على كيفية رسم الحكومة لسياساتها وتسويقها لها حيث ينطبق عليها، في أغلب الأحيان، وصف المخرج السيئ للنص الجيد. فيا ترى ما دخل زجاجات الخمور في التعديات على أملاك الدولة؟... هنالك تعديات على أملاك الدولة يجب أن تزال وكان من المفترض عوضا عن تبرير عمليات الإزالة بوجود زجاجات الخمور أن تؤكد الحكومة ضرورة تطبيق القانون على أي تعدٍ على أملاك الدولة مهما كان شكل أو نوع هذا التعدي، وهذا لا دخل له البتة بالاحترام الواجب لديوانيات المواطنين المقامة على أملاكهم الخاصة. كما كان من المفروض، عوضا عن عرض صور زجاجات الخمور، أن تقوم الحكومة بتقديم بيانات وإحصاءات دقيقة عن أنواع المخالفات وأحجامها والطرق والأساليب التي اتبعتها في عمليات الإزالة.الآن وقد كسبت الحكومة الجولة الأولى برفض مجلس الأمة لعملية تقنين المخالفات، فإن هذا يعتبر دعما معنويا لقرارها بإزالة التعديات على أملاك الدولة يفرض عليها وجوب الاستمرار في تطبيقه. لهذا، فإن على لجنة الإزالة الاستعداد للتحدي الكبير القادم الذي سيواجهها. فإزالة المخالفات الماضية أم ما سمي خطأ «إزالة الديوانيات» يعتبر جزءا بسيطا جدا من عمليات التعديات على أملاك الدولة، ومَن قاموا بها هم من الناس العاديين الذين لا يملكون نفوذا سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا. أما التعديات الكبرى على أملاك الدولة التي يجب أن تتصدى لها لجنة الإزالة، فإنها تتعدى «شبرات الكيربي» لتصل إلى مبانٍ إسمنتية ضخمة «أجزاء من عمارات»، وعمليات ردم مستمر للبحر، وشاليهات مسوَّرة، ومجمعات تجارية مخالفة، ومواقف للسيارات غير مرخصة، ومَن يملكونها هم من عليّة القوم ومن أصحاب النفوذ. وهي مخالفات وتعديات من المؤكد أن لجنة الإزالة تعرفها جيدا، كما أن تقارير المجلس البلدي وسجلات قطاع أملاك الدولة بوزارة المالية تشهد عليها، ويتداول عامة الناس الأحاديث حولها، لأن الكويت بلد صغير والناس فيه تعرف «البير وغطاه»، فهل تتجرأ لجنة الإزالة على الاقتراب من هذه التعديات الكبيرة على أملاك الدولة وتقوم بإزالتها... لكي يقتنع عامة الناس بأن القرارات الحكومية عادلة لا تفرق بين مواطن وآخر ولا بين منطقة سكنية وأخرى؟! هذا هو السؤال المهم الذي سنعرف إجابته خلال الأيام المقبلة.
مقالات
لجنة الإزالة والتحدي الكبير
17-11-2008