وأخيراً حُسِم الأمر، وتم تكليف الشيخ ناصر المحمد برئاسة الوزراء بعد شد وجذب، وتكهنات، وترشيحات، وتوقعات. فنتمنى له التوفيق في أداء مهمته العسيرة لما فيه خير البلاد والعباد.

Ad

لست أدري ما هي طبيعة الحكومة القادمة، ولا أسس تشكيلها، وهل تستطيع قيادة البلد إلى بر الأمان، أم أننا سنعود سريعاً إلى المربع رقم واحد، فذلك كله في علم الغيب، وقد تعودنا أن الأمور لدينا تسير على البركة.

ما يلفت الانتباه هو شبه الإجماع على أن المطلوب هو تشكيل حكومة قوية، ومن غير الواضح ما هو المقصود بالحكومة القوية، بل إن إحدى الصحف بشرتنا بأن سمو الرئيس سيشكل أقوى حكومة في تاريخ الكويت، وأضيف من عندي وفي الجغرافيا كذلك.

وعند الحديث عن القوة بهذه الصورة الضبابية الغامضة، فإنه يتبادر إلى الذهن بأننا مقدمون على إدارة حلبة مصارعة أو ملاكمة أو ربما مصارعة ثيران.

وقد يدفعنا الخيال إلى تصوُّر أن مندوبي الحكومة يتجولون هذه الأيام في الأندية الصحية لضم عدد من ذوي العضلات الضخمة لإضفاء شكل القوة على الحكومة القادمة.

في حلبة المصارعة ينزل المصارعان، أو يصعدان لا فرق، وكلاهما يهدف إلى القضاء على الآخر، وتنتهي الجولات بفوز هذا الطرف أو ذاك، يحدث ذات الشيء في الملاكمة، وإن كانت أساليب القتال فيها أشد قسوة ووطأة، إلا أن النتيجة النهائية تتحقق بهزيمة طرف وخسارة الآخر.

وكذلك هو الأمر في المنطق السائد بمصارعة الثيران، إذ يسعى المصارع الإنسان إلى إخضاع الثور، أو حسم النتيجة بغرز السيوف في ظهره، ولربما ينجح الثور في أن يطيح بالمصارع جريحاً، وفي بعض الأحيان قتيلاً.

لست معنياً بقوة الحكومة، فهي تحمل في طياتها معانيَ متناقضة، وغير واضحة، كما أنني لست معنياً بأن يكون فيها رجال دولة، فهو مصطلح فضفاض لا مقاييس ولا معايير تحكمه، يضاف إلى ذلك أنه أصبح لدينا اليوم سيدات دولة.ما نريده هو حكومة قادرة على صياغة رؤية تنموية واضحة، وتنفيذ تلك الرؤية بشفافية، والتزام كامل بالعدالة ومبادئ الدستور، وبالمقابل مجلس أمة أكثر التزاماً وحرصاً وحصافة على إخراج البلاد من مأزقها.

أما إن كان هدف الحكومة هو مواجهة المجلس دون رؤية وقدرة على التنفيذ، فإن أفضل ما نتوقعه هو مشاهدة مباراة مصارعة أو ملاكمة أو ربما حتى مصارعة ثيران. وهي رياضات، إن جاز أن نطلق على أي منها صفة رياضة، لا تصلح كنموذج لإدارة دولة.